السبت، 31 ديسمبر 2011

إني أتنفس ظلما

أينما سرت لقيت وجها من أوجه الظلم ولست أبالغ هنا ، لأن كل شيء يمكنك أن تبالغ فيه هنا إلا الظلم فمهما حصرت من مشاهد الظلم ستبقى مقصرا ، أظن أكثر شيء دقيق يمكن أن تقوله عن الظلم أننا نعيش الظلم كل لحظة نعانقه نسكن في عالمه ، نتفسه ، تحضرني هنا محاولة لصياغة سيناريو يتكرر للآلاف منا يضع صورة بسيطة لتغلغل الظلم داخل وطننا :
" أستيقظ صباحا على قلق مزمن بما يمكن أن يحصل في بلد التقلبات هذه ، لست مطمئنا لأي شيء فيها حتى أهلي بإمكانهم بيعي لأن الذين يتحكمون فيه تربوا على ذالك الصرح اللا أخلاقي من إبتزاز المشاعر وتفريق الأهل بكل المغريات الممكنة وـ عطاء من لايملك ـ ،
حين أنزل للدكان لشراء الفطور أشتري ورجلي فوق رقبتي رغيفين من خبز كل صباح بسعر يصل 1.6 في المية من متوسط الدخل الشهري للمواطن الموريتاني أي أني سأفقد 48% من دخلي العادي في أرغفة الخبز الصباحية ، سأمشي عريانا أو بأحلاس بالية لأن 52% الباقية بالكاد تكفي نصف الغداء ، سأفكر حينها بأن أرغفة الخبز الصباحية تشكل ظلما في حق دخلي الهزيل لذالك سأترك الفطور إلى غير رجعة وسأعيد الحساب من جديد في كل الحاجات الضرورية التي سأستهلكها ،

ـ كنت أقصد بالدخل في الفقرة أعلاه "كتوسط دخل المواطن الموريتاني وهو تقريبا 40 دولار في الشهر ـ

بعد الفطور الذي أصتطدم بالواقع المر ، سأرتدي ملابس ما أو بملابس التي نمت فيها البارحة سأذهب إن كنت محظوظا إلى عملي الذي حصلت عليه بكل أشكال التحايل وإستعمال القرابة والنميمة والتملق والرشوة ، وسأعيش كل يوم خوفا من أن أفقده لأن المحافظة عليه لاتعني أن أكون كفئا في العمل بل تعني أن أكون كفئا في التملق والتزلف والسير جانب الحائط والسكوت على أنواع الرشوة والفساد وأحيانا يلزمني المشاركة في تلك الأخلاق أو مصيري هو الشارع .

في الشارع سأكون أصارع لكي أبقي حياتي طبيعية أو تتغلب علي فأتركها غير طبيعية ، لكن مهما كانت سأظل :

"أتنفس : ظلما ،
أتوسد: ظلما ،
ألبس : ظلما ،
آكل : ظلما ،
أحب : ظلما ،
أتزوج : ظلما،
أمارس عاداتي الإجتماعية : ظلما ،
وإن سكت سيكون سكوتي : ظلما ،
وسيأتي أبنائي وأحفادي ليعيشو : طلما ، "

ـــــــــــــــــــــــــــــ

معلومات عامة :
1 ـ الموارد الإقتصادية لموريتانيا :
  • اليورانيوم
  • الذهب (صارت موريتانيا ثاني أكبر دولة تصدر الذهب في العالم)
  • النحاس
  • الكوارتز
  • الفوسفات
  • الحديد
  • الأسماك (ثاني أغني شواطئ العالم بالأسماك بعد اليابان)
  • البترول(أحتياطي يقدر بمليار ونصف برميل)
  • الماشية (أبقار وأغنام وإبل وماعز)
  • الزراعة

بعض الخصائص الديموغرافية لبلدان المغرب العربي
البلدانعدد السكان بمليون نسمة (إحصاء 2010)نسبة الولادات في الالفنسبة الوفيات في الالفنسبة التكاثر الطبيعي في الالفنسبة وفيات الاطفال في الالفمعدل امد الحياة(بالسنة)قيمة التنمية البشريةالرتبة عالميا
علم الجزائر الجزائر36.6306243972.60.704107
Flag of Morocco.svg المغرب32.7236173971.10.646126
Flag of Tunisia.svg تونس11.5227152172.90.74991
علم ليبيا ليبيا6.5283251672.40.78361
Flag of Mauritania.svg موريتانيا4.041132812051.90.454154

أرجو ملاحظة نسب الوفيات في الأطفال ومعدل الأعمار والرتبة العالمية في التنمية البشرية .



الخميس، 22 ديسمبر 2011

فعلا أنتم تزينوها

حتى لو كان قصد النظام العسكري ـ فقط أن يستغلكم ـ ويرمي ارواح نور وحرية وتمرد من مداد أقلامكم على جدار تعود أن يلطخه بإستغلاله وتعاليه وعنجهيته ودكتاتوريته ،

أنتم فعلا يا أعزائي تزينون أي بيت تنزلون فيه لكن ايضا لديكم ميزات أخرى ، قد لايفطن لها نظام لايقرأ بل يمثل دور القراءة ، لايعرف أن من مزاياكم عنفوان الحياة ورفض الظلم وتحدي القمع ، لايعرفون أن أقلامكم أخذت الصدق من الفعل الصادق ، أعذروهم .

ختاما لا أجد قولا يناسب وقوفك يا حسين ، ويا أخت لينا ، ويا هشام ، أظن شكرا لاتفي لأن الكلمات ضئيلة والأفعال عظيمة ، ليس فقط رفضكم لتلميع نظام عسكري قمعي ، ولكن لإسهامكم في أجواء الحرية في بلدانكم ... شكرا ، شكرا

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

رسالة من المدونين الموريتانيين لزملائهم العرب






قبل شهرين أعلن عن تنظيم "اللقاء الوطني حول تقنيات التواصل الاجتماعي ",في مدينة "الزويرات "الموريتانية و,الذي كان يهدف المنظمين من خلاله إلى ربط الصلاة بين النشطاء العرب وإخوتهم الموريتانيين لتبادل الخبرات, وكذالك بناء قدرات القيادات الشابة حول تقنيات التواصل الاجتماعي و طرق استخدامها إضافة إلى التحرير و النشر و المونتاج وذلك على يد خبراء متخصصين في المجال من دول شقيقة. .
إلا أن النظام العسكري في موريتانيا قام بمنع تنظيم هذا اللقاء رغم أن الهيئة التي دعت له مرخص لها لدى السلطات الموريتانية ولم يبدى النظام أي تبرير إلا أنه يعترض على مشاركة بعض النشطاء الموريتانيين في هذا الملتقى .
واليوم توجد أخبار عن عزم النظام العسكري في موريتانيا على تنظيم ملتقى شبابي سياسي يحضره بعض نجوم الربيع العربي الشباب من المدونين الذين ثبت نشاطهم على شبكة الانترنت وتفاعلهم السياسي بشكل كبير للإطاحة برؤساء ديكتاتوريين في دول عربية عدة كمصر وتونس وليبيا وربما سوريا واليمن التي لا زالت الثورات تتفاعل فيها."..
ولهذا نوجه رسالة إلى كل المدونين, والنشطاء العرب مفادها أنه عليهم أن لا يشاركوا في هذا النشاط الذي يحاول هذا النظام العسكري القمعي تجميل صورته به ,فهذا النظام وقف ضد الثورات العربية فدعم القذافي حتى بعد سقوطه دعمه باستماتة ودعم بشار وبعث له رئيس وزرائهم ليؤكد وقوفه معه في حربه ضد شعبه .
وهذا النظام يقمع التظاهرات السلمية في موريتانيا فقد قمع مظاهرات حركة 25 فبراير وقتل أحد نشطاء حركة "لاتلمس جنسيتي",ومازال يقمع كل التحركات السلمية ويحرم الموريتانيين من حقهم في التظاهر ,ويضيق على النشطاء الحقوقيين .
وهذا النظام حرم الشعب الموريتاني من تجربته الديمقراطية الوليدة التي أبهرت العالم فقام رأسه بإزاحة أول رئيس مدني منتخب في موريتانيا .
لذالك نرجوا من كل أصحاب الضمائر الحية من" المدونين" و"لنشطاء" العرب عدم المشاركة في هذا الملتقي كي لا يجملوا وجه نظام عسكري قبيح ويشاركوا في قمع شعب مقهور .

الاثنين، 19 ديسمبر 2011

تونس الخضراء ،،، بلا طحالب

"مقال كنت قد كتبته يوم هروب بن أعلي من الشعب التونسي على صفحتي على الفيس بوك http://www.facebook.com/note.php?note_id=147560188630868 أعيد نفض الغبار عنه بمناسبة الذكرى الأولى لكسر القيد التونسي "




لا يوجد يوم فكرت فيه بطريقة عادية دون أن ادخل عليه بعض الأفكار الخيالية ، كنت دائما أحب التوسع في الخيال والتصورات التي تنتشلني من أهم شيء أتابعه أو أعمل عليه ، تخيلت يوما تصورات عن المستقبل العربي مع افتراض أن التقدم أمر واقع ـ كنت فقط أتخيل كيف لو استيقظنا بعد 1000 عام من الثلاجات التي أعدت لنا بعد أن ربحنا اليانصيب الذي يسمح لشخص واحد من العالم كله خاصية التجميد لألف سنة ـ لاشك أنها قصص مثيرة تلك التي حدثت بعدنا كيف لأحفادنا أن يتمكنوا من العودة وتجديد الوعي والتفكير والسيطرة والتقدم من جديد وتوليد عقول تفهم أن كل شيء في أوطاننا هو ملك الشعب وليس منة من الحاكم يشكر عليه إن قام بخدمات ب 1% من أموال الدولة في مصلحة الشعب وتحويل الباقي إلى حساباته ،
صدقوني كثيرا ما أفكر هكذا .
ـ توقعت أن يقوم ثائر بالتضحية بروحه وينزع الأمر بالقوة بعد الكثير من العمليات السرية والتنظيم ثم يعيد أموال الشعب إلى الشعب وقرار الشعب إلى الشعب ـ ثم تابعت ـ لاشك انه موجود ذالك الشخص الذي قد يفعلها لكن المشكلة أن الطحالب ستعيد التفافها بالنظام وبالبركة التي يصدر منها القرار لتوهمهم أن العش أخضر وأن الجميع بخير ، شيئا فشيئا ، يوما فشهرا فعاما فيخلف الرجل ابنه وتزدهر الطحالب وتعود البركة إلى أول صفر حسب به عمر سابقتها ، أكون حينها قد تعبت من متابعة التفكير في هذه الدوامة التي لا حل لها ـ وبطبيعتي لا أحب الطحالب ـ
ـ توقعت أن تحدث أزمة اقتصادية تقضي على كل العرب جوعا ويعود الجميع إلى عصر اكتشاف الرغيف ، تضعف نزوة حب السلطة ، تسقط الأصنام الحاكمة بعد أن يموت الشعب ـ على رأي عادل إمام ـ ، التفكير في هذه كيفية الحلول شيء صعب ويأتي بالكثير من عفن الخيال .
توقعت الكثير لكني لم أتوقع يوما أن يخرج شعب عربي على حاكمه ويخرجه من قصره جهارا نهارا ، لأني أعرف كيف يفكر المواطن العربي ـ أنا مثلا لن أخرج في مظاهرات قد تضرب فيها النيران ـ هل أنا مجنون ؟! أبدا ، هكذا يفكر الجميع ـ هنا ـ لكنني عرفت القصة التي ستحكى علي :

الشعب التونسي يخرج بالمئات للشارع تنديدا بالجوع ، يخرج بالآلاف تنديدا بالألم ، تخرج تونس كلها تنديدا بالملل من النظام من الظلم من التهميش من الدكتاتورية من السرقة والنهب من التجويع ـ تخرج من عبادة الأصنام ـ ثم تعيد صياغة نفسها بنفسها ـ هنا استقلت تونس ـ .
سأحتفظ بمراهنتي على أن يخرج شعب آخر لنفسي ، لكني أراهن أن الطحالب الآن ترتجف .

الأحد، 4 ديسمبر 2011

الطريق إلى إينال 3


لم تكن الطريق الرملية التي سنقطعها للوصول إلى قرية إينال باللطيفة ، طريق بطول 125 كلم على رمال وطرق ثقيلة وغبار ، أثناء الطريق أنقسمت القافلة إلى قسمين ، القسم الأول كان يحوي أهالي الضحايا وقد إختفى نهائيا على طول الطريق ـ يبدو أنه سبقنا ـ أما القسم الثاني فكان يحوي الصحفيين ومجموعات شبابية ،
كان شطرنا من القافلة يتشتت أحيانا ويصاب أحيانا بأعطال ، وعلى مدى ثلاثة ساعات تقريبا وصلنا للقرية التي شهدت تلك الجرائم :

ـ يااه أخيرا بعد 20 عام تمكن أهالي الضحايا من الوصول إلى المكان الذي أعدم فيه أبناءهم في ظروف غريبة وغامضة ، لم يجد عنها أحد إلا مجموعة إشاعات وقصص ،، قصص عن الأسباب ، قصص عن الكفية التي تم بها إعدامهم ، قصص عن دفنهم ، قصص في قصص ، لا شك أن أبناء الضحايا كانوا يعيشون كل مرة رعبا حين يحاولون تصور كيف أعدم آباءهم ، أشعر بقشعريرة كلما تصورت ماكان يفكر فيه هؤلاء وهم أطفال يتلقون قصص الإعدامات والمآسي كما كان يتلقى أي منا قصص الجدات ، نعم فكرت أني كنت أسمع قصص الأرنب والسنجاب أحيانا ، وقصة الأسد والذئب أحيانا الكثير من القصص ، بينما كانوا يسمعون قصة سوداء واحدة تكرر كل ليلة عن كيف ومتى وأين قتل أبوك .

طبعا لم يتفهم من يعطون الأوامر من هناك الحالة الإنسانية الصعبة لأهالي الضحايا ، لم يتركوهم في حالة صفاء ولو لدقيقة واحدة كان التفتيش أيضا بإنتظارنا في إينال ، تفتيش في تفتيش والجو كان هاجرة ـ حوالي الساعة 13 ـ وقرر الجميع أن لا يهدء من الإثارة الشديدة والألم التي أستحوذت على الموجودين ، سيدة تنوح ، شاب عشريني يبكي ، سيدة تسقط مغشيا عليها ، وأخرى قررت التماسك وعكست صبرا وتحملا شديدين وهي ترى المكان الذي دفن فيه أخوها وابن اخيها في ظروف ما ،








السيدة سلمة جياللو التي قتل أخوها وأبن أخيها









بعد ساعات الهاجرة وصرخات الثكالى كنا مجموعات نتناول الشاي والبسكويت والأحاديث الجانبية وأحيانا تفكير عن إقامة إسكتش محاكمة موازية للجناة ، أشياء من هذا القبيل ، ثم بدأ الحضور بتنظيم دعاء جماعي للضحايا ، كان دعاءا مؤثرا وشاملا ومتسامحا وداعيا للحب والصفاء بين جميع المسلمين لم يدعو على الجناة بسوء .

كان في الرحلة أحد الناجين من تلك المجزرة ومؤلف كتاب " جحيم إينال " وهو ـ على مايبدو ـ كان دليلنا لمكان الحفرة التي رمي فيها جميع الضحايا وتركوا دون علامة تحفظ مكانهم ، ويبدو أن هذا المكان بعد أن درس وتحول إلى ملعب كرة قدم ، هنا حدث قصة مضحكة ـ شيئا ما ـ وصلنا أحد الأطفال يداعب كرة وسأل عن مايحصل فأجابوه بوجود موتى تحت أرضية الملعب هنا رعب الولد وفر عائدا بكرته ،
بعد يوم حافل بالمشاعر والدموع والألم والنواح والغبار قررنا العودة بعد أن أدركنا مبتغانا وكسرنا الحصار المفروض على هذه القضية الشائكة التي لم يتحدث عنها أحد بعد كما يجب ، رغم كل ذالك لايزال الكثير من ملفات القضية غامضا ، ولا يزال هناك ضحايا ظلم لم يجدوا العدالة ولاتزال قضيتهم عالقة كغيرها من ضمن الكثير من القضايا العادلة العالقة .


أنتهى .

الخميس، 1 ديسمبر 2011

الطريق إلى إينال 2


كانت لفحات من البرد تلسعني عندما أستيقظت على ظلام دامس وجو موحش ، لم يكن هناك أحد في السيارة خرجت بكسل من السيارة لأكتشف أن هناك ماراتون تفتيش مدبر من قوات الدرك عند الكيلومتر 100 ـ تقريبا ـ كان التفتيش يمر بشكل معقد تفتيش كل قطعة صغيرة في السيارات التي قبلنا ، تفتيش كامل لكل الركاب ، لكل شيء ، يذكرك بتفتيش المطارات حين يكون هناك سابق إنذار بتهديد إرهابي ، الفارق فقط هو أننا لسنا إرهابيين ولسنا في مطار ،
طبعا حادثة التفتيش الماراتوني هذه مدبرة لنا فقط لإعاقتنا ، هذا ما أكدته لي العجوز "بائعة السمك المجفف" ، أكدت أن هذا التفتيش لم يحصل أبدا منذ أن بدأت مهنتها هنا ، الجميع كان يضع حسابا لتلك الإعاقة وكان على علم بطريقتها فهي إما بقوات أمن الطرق وطريقتهم البلطجية أو تمثيل دور التفتيش الطويل ، الباص الأول الذي أفرج عنه حدثني أحد ركابه أنه أوقف عند السادسة ، ويقينا أفرج المفتشون الدركيون عنه عند التاسعة ، أتضح للجميع أن هذه الإعاقة قد لاتنتهي قريبا لكنهم قرروا أن يستمروا في إنتظار دورهم في التفتيش ،
من مجموعة لمجموعة كنت أتنقل في القافلة ، نقاشات جانبية ، حوارات حول مستقبل موريتانيا حسب رؤية المشتركينف ي الحوار ، مجموعة قررت الإستقالة من هموم السياسة والتجاذبات والصراعات لتقرر تناول الشاي في جو صفاء وهناك فعلا قررت أن أجلس ، كانت كؤوس الشاي تداعبها حوارات عن رؤى للوحدة الوطنية تارة إلى قصص مغامرات أو نكت تارة إلى أن أتسبد بنا البرد الشديد وقررت مجموعتي النوم بعد إنتهاء الشاي ، بدأت أبحث عن مجموعة أخرى لأتابع السهرة رفقة أحد الشباب من مجموعة الشاي " الأمجد ولد النون " مصور قناة MBC عثرنا في بحثنا على الصحفي "الربيع ولد إدومو" و"عال" أحد نشطاء الحركة الإنعتاقية ، وكان موضوع النقائ حول تقييم أداء الحركة والتطور في خطابها لكن النقاش لم يطل كثيرا إذا أيقن "آمر مسرحية التفتيش" أن القافلة لم تقع في فخ التخييم وأنها مستعدة للإنتظار في الطابور حتى لو كلف ذالك أياما ، قرر "آمر المسرحية" أن يطلق سراحنا ويعفينا من ذالك التفتيش الذي راح ضحيته عجائز لادخل لهم في المسيرة ، إحداهن كانت تشتكي من داء السكري وإرتفاع الضغط وتركت عائلتها في نواذيبو دون أن يستمع إليها أحد أجابها الدركي بجفاء : عودي إلى سيارتك وأنتظري .
استأنفنا الرحلة من جديد في ساعة متأخرة قرابة 3 صباحا ، أي أنه تم عرقلتنا "بمسرحية التفتيش" 7 ساعات أستغرقها الدرك في تفتيش 3 سيارات يبدوا أن ركابها سيئوا الحظ إذ لا ذنب لهم عدى أنهم كانوا أمامنا في الطابور ، وصلنا منعطف إينال مع بزوغ شمس الإثنين 28
نوفمبر ،،،

عمت فرحة أوساط أسر الضحايا وأبناءهم والمنظمات المشاركة ، أحس الجميع بنشوة النصر ونتيجة الصبر .
كان العائق الوحيد الممكن أمامنا حينها هو أن توقفنا قوات الجيش قبل الوصول إلى "إينال" بعذر أنها منطقة عسكرية معزولة ـ رغم سخافة العذرـ إلا أننا جميعا كنا نتوقعه لأننا ألغينا فكرة أن نتوقع ـ أعذارا ذكية ـ
توقفنا قليلا بإنتظار إلتحاق سيارة "دار السينمائيين" وكانت فرصة لي لأقوم برياضة صباحية توجتها بسباق بيني وأحد الإخوة "الحراطين" وبدأنا بإعداد شاي صباحي لنهدئ به روع البرد الذي يجتاحنا حينها بشدة ، رغم أن الرحلة كانت قاسية منذ صباح الأحد وحتى صباح الإثنين قطعنا فقط لمرحلة واحدة إلا أن ذالك الصباح كان بنكهة الوطن "بكهة موريتانيا الأعماق" فعلا وليس كما يقولها بعضهم ، وكان ذالك كافيا لينسيني أتعاب الأمس والبارحة ، كافيا لأتنفس هواء جزء من هذا الوطن الحبيب لم أتنفسها من قبل .

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

الطريق إلى إينال 1
















كنت كغيري من الموريتانيين البيض المعروفين بـ " البيضان" نظن أن ولد الطائع كان بطلا حين أنقذنا من محاولة لتصفية عرقية كان الزنوج يخططون لها منذ زمن ، أنا أنصف نفسي حينها وأنصف الكثيرين من من يعتقدون بهذه الفكرة ، فالطبيعي أن لاتكون متعاطفا مع شخص كان يبيت لك الذبح .
الذي لا أجده منصفا هو أن لا أفكر قبل أعوام قريبة أن هذا يمكن أن يكون فبركة فمن مصلحة الذي أقدم على هذه "الجريمة" أن يكون له مسوغ يستفيد منه في مواجهة العالم والمجتمع ـ بشكل خاص ـ ، ولو كان مصيبا في دعواه ولديه أدلة لكان أقام محاكمة شفافة يظهر فيها كامل أدلته ، أما أن يقوم بتلك الإعدامات الغامضة ويخفي الجثث في بيداء دون أي علامة تدل على مكانها ،وكأن الذين قتلوا ليسو بشرا وإنما مجموعة من الحيوانات المصابة بمرض معدي ، ونبقى نصدق حكاية لم نجد عليها دليلا سوى أن الجلاد قالها شفهيا أو تناقلتها الشائعات .
لأجل كل ذالك قررت الإشتراك في هذه الرحلة رافضا من خلال مشاركتي لسلسلة الإعدامات الإجرامية من أجل مصالح سياسية دون أي سبل عدلية أو أدنى حقوق إنسانية ،
وفي هذا المقال ومقالات أخرى سأحاول أن أحكي كل ماحصل أثناء إحدى أغرب الرحلات التي خضتها في حياتي .

بداية كنت مصرا رفقة بعض زملائي على المشاركة في هذه الرحلة ، لذالك تحركنا بإتجاه الجهات المنظمو والتي كان من بينها حركة الإنعتاق " إيرا" وتعهدوا لنا بتوفير أماكن في الرحلة ، وكان مقررا للرحلة أن تنطلق صباح الأحد الموافق 27 ،
أستغرق تجمع المشاركين وقتا أكثر من ماكان متوقعا وكان ذالك سببا في تأخر الإنطلاق عن وقته المحدد سلفا وهو الخامسة صباحا ، كان الإنطلاق الساعة الثامنة صباحا كنت حينها مصابا بنعاس شديد لأني سهرت طول الليل كي لا أنام عن الموعد لذالك قررت النوم وقت الإنطلاق ، وبرؤية ضبابية ونعاس شديد كنت أرى ذالك الشرطي الذي كان مصمما على أن أقدم له بطاقة التعريف دون أن أفهم قصده كنت متعبا جدا ولم أفهم مايريده لدقائق ، عدت بعد أن قدمت بطاقة التعريف إلى نومي العميق مرة أخرى ، كانت أول صورة أراها بعد ذالك قرص الشمس الحارق وهو يلفح وجهي عابرا من زجاجة السيارة حين رفعت رأسي كانت القافلة قد توقفت ، كانت قوات من أمن الطرق قد سدت الطريق أمام القافلة لم أطلع بشكل مفصل على أسباب العرقلة ، ربما كانت بسبب أن النشاط ليس مرخصا ، كنت مقتنعا فقط أنها كانت مسرحية لإعاقة النشاط ، لكني لم أفهم مادخل قوات أمن الطرق في ذالك فقط عرفت أنها مسرحية سيئة الإخراج ،
لم تكن تلك هي الأسئلة الكبيرة بالنسبة لي كان السؤال الكبير بالنسبة لي هو لماذا قرر رجال أمن الطرق الإشهار بأسلحتهم الرشاشة في وجه المدنيين ، حينها شاهدت كما كبيرا من الرعب في أعين أحد الشباب الزنوج ، وضع يديه على رأسه كالمتأسف على مايمكن أن يحصل وكأنه كان متيقنا أن قرار إطلاق النار على هؤلاء الزنوج هو أمر بسيط وصدقوني ليس إحساسا لطيفا أن تعيش في دولة تظن أنها في أقرب فرصة قد تطلق عليك النار ـ صدقوني أمر مؤسف فعلا ـ .
أثناء ذالك كان هناك الكثير من الهرج والمرج ، كان بعض الشباب الزنوج مثارين ومتسرعين لكن وجود شخصيات هادئة من أمثال أستاذ جراحة العظام "سوماري" رئيس حركة إيرا " بيرام ولد أعبيدي " أدت إلى منع حصول مصادمات كانت محتملة بشكل كبير ، أثناء ذالك تم إيقاف مراسل رويتيرز ، حينها قررالجميع التخييم في المكان الذي تم إيقافهم به وكانت النية على الصمود في ذالك المكان حتى لو تعرض الجميع للذبح ، وبدأ الجميع في العمل على تجهيز الخيام والغداء كانت الساعة الواحد حين بدأ بعض الشباب يلتحقون بنا من أنواكشوط بعد أن عرفوا بإعاقتنا ، تناولنا الغداء وتم إنهاء الفصل الأول من مسرحية الإعاقات حين وصلت الأوامر من القصر الرمادي بفتح الطريق أمام المسيرة بعد أن تناولت وسائل الإعلام بشكل كبير نبأ الإعاقة وجو التوتر الذي حصل هناك ،
وقبل إنطلاقنا كنت قد تلقيت خبرا من أحد الأصدقاء والنشطاء الشباب " عال ولد الطلبة " أن فرقة درك هي أيضا مجهزة لأداء دور آخر في تلك المسرحية التي صار الجميع مطمئنا بمعرفة وقائعها القادمة ،
صعدنا السيارات وبدأنا المسير كنت أعود إلى عادتي القديمة في السفر وهي النوم وإزعاج الرفاق الذين على جانبي ، أسقط على أحدهم تارة ، أشخر تارة ، وفعلا عند الساعة الثامنة كنت أستيقظ على خبر ماراتون تفتيش بطيء .... سأتحدث عن ذالك الماراتون لاحقا .

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

إنتهاء صلاحية الإستبداد

يبدوا أن هؤلاء القمعيين فوجئوا بالشعب الذي تعرض لهم هذه الأيام كأنه ليس الشعب الذي عرفوه وامتطوه واحتقروه واستعبدوه دون أن يقول شيئا منذ قرون .

أنا لا استغرب أن لا يفهم الاستبداديون النار التي كانت تحترق تحت رماد الشعوب منذ عقود لأنها مجموعة من الساديين تعودوا ان ينظروا للخارج فقط ، للقوة التي شكوا ـ فقط ـ انها قد تهدد عروشهم ظنوا انهم يحكمون الغطاء على الشعب ،

فمنذ اليوم الأول للثورة التونسية ونحن نرى أكبر كم من الاستغراب الممكن على عيون بن علي وعلى عيون أعوانه كأنها تقول : هل هؤلاء هم الأشخاص الذين يستقبلونني دائما بيافطات كبيرة ـ إلى الأمام يا قائد المسيرة المظفر ـ ،

في مصر لا يخفى على الجميع كيف هي نظرات جميع عناصر النظام ، فالرعب والاستغراب مقروء على عيونهم بشكل واضح رغم لغتهم الشديدة والمهددة أحيانا ـ مما يوضح المرض السادي المعضل الذي لم يتخلوا عنه حتى في أيامهم الأخيرة ـ إلا ان الواضح أنها ليست عيونهم الاستبدادية المعروفة والتي تأمر دون كلام ، الواضح أن خططهم ارتبكت وانعكس ذالك على مجازر الجمعة الأولى بواسطة الشرطة ومجازر الأربعاء والخميس بواسطة اللصوص الهمجيين الذين يعكسون المستوى الحقيقي لمن أرسلهم ، الذي لا يفهمه هؤلاء هو أن من يقارعونهم الآن بإحدى أكثر الوسائل إزعاجا ـ الاحتجاجات السلمية ـ ليس الشعب الذي عرفوه ، ليس الشعب الذي يخاف التهديد أو التحايل أو المكر ، مطالبهم واضحة ، لا يريدون تغيير الحكومة ولا التزامات أخرى ولا مسرحيات سخيفة ، لأن هذا الشعب خرج بعد أن فهم حق الفهم من يثور ضده ، عرف أساليبه وإجرامه وطرقه وخوفه على عكس الإستبداديين الذين لم " يفهموا " ولم يعرفوا بعد من هو هذا الشعب الذي ثار ضدهم ، لذالك توقعوا الكثير من التخبط في الأيام القليلة القادمة قبل أن "يفهم" أن الصلاحية قد انتهت ولا يمكن تمديدها من جديد .

الشعوب على ما يبدو تقوم كالصاعق حين تحدد أنها قد أكتفت وحين تخرج تكون صلاحية الاستبداد قد انتهت ، وحين تنتهي تلك الصلاحية لا يمكن تغييرها إلا بالفهم والاستفادة من الوقت وحزم الأمتعة والبحث عن مكان يرعى الاستبداد .


الاثنين، 21 نوفمبر 2011

كابوس المشير ثلاثي الابعاد


تدوينة كتبتها  يوم 11 نوفمبر أجدني اليوم مرغما على إعادة نقله هنا في ظل مايحدث في مصر الآن





كأني استيقظت من كابوس مزعج وأنا أرى أثر السفر الذي أتى مستعجلا لعمر سليمان قبل أن يحزم حقائبه ليخبرني بخبر حبست نفسي 20 يوما بانتظاره وكأنني ـ فعلا ـ أعيش كل اللحظات في ميدان التحرير ، كأي شخص موريتاني ـ أيضا ـ كانت لي أم وخالات يعيشون بألم وبفرحة كلما ما يحدث بالتفصيل في أرض الكنانة فرضت علينا أمنا بديكتاتورية لأول مرة في حياتها أن نسجد سجود الشكر ، ثم تساءلت بعدها هل يمكن للمشير أن يخلف بوعوده ويعيد كل شيء إلى المربع الأول ؟ أخبرتها حينها أن المشير ينتظره في لياليه القادمة كابوس من ثلاث مراحل :
ككل شخص عربي يصل لذالك المربع اللعين الذي يحوي إغراءات السلطة سيكون تحت الصدمة ليخبره اللاشعور على شكل كابوس أنه :
1 ـ سيرى نفسه ذالك الشخص ذي الكاريزما الشهيرة ـ الريس ـ في جولات داخل الصعيد وأهل الصعيد يستقبلونه بسعف النخل وهم ينشدون في عدم توافق " يا منقذ البلاد سلام ،، ... يمشخلعنا يمدلعنا ياريس " ، سيغريه هذا ، سيغريه أن الطحالب ستنهال عليه بحثا عن متنفس حبست قبله أنفاسها في خوف لم تعشه الطحالب العربية قبل هذه الأيام التاريخية التي بدأت من تونس وانتقلت إلى مصر .
2 ـ سيرى نفسه ذالك الشخص المستبد الذي يطيع الجميع رأيه وقد تستفحل الطحالب من حوله لتجعله ذالك القدسي الذي تختال البركات جانبه أو ذالك الحكيم الذي تدرس خطاباته في الأسبوع مرتين في أرقى الجامعات العربية ،
3 ـ سيرى الحشود التي تعودت ـ على مايبدو ـ كلمتها الخالدة " الشعب يريد إسقاط النظام ، هذه ليست ثورة ـ إنقلابا ـ عسكرية بل هي ثورة الشعب الذي ضحى بالكثير من أجلها ولن يتركها بين يدي أحد بالاستبداد مهما كانت قوة الطحالب حوله وقد كانت أقوى قبله .
خلاصة الكابوس أن على الجميع أن يطمئن ، الثورات الشعبية ليست كالانقلابات ، الانقلابات تأتي بالعسكر والطحالب والتخلف والاستبداد ، والثورات الشعبية تأتي بالكوابيس لكل من يحاول خداع الشعب .

الأحد، 13 نوفمبر 2011

شيء لم أفهمه بعد


كان الخبر اليوم واضحا جدا ، أن قوات علي عبد الله صالح أغتالت 5 نساء كانوا حاضرات في جمعات الكرامة اليمنية التي أبهرت العالم بسلميتها ـ رغم ماعليه اليمن من إنتشار الأسلحة ـ نعم لقد كان الخبر واضحا والصورة أوضح ، مالم يكن واضحا لي والذي لم أتقبله يوما هو ردود بعضنا الباردة بخصوص الناس التي تذبح وتقتل شر قتلة ،

كانت تلك الردود مؤلمة حتما وتحوي بعض التشفي المقيت ـ أجزم أنه ليس مقصودا ـ ، كان رد السيدة التي تستغل المقعد الأمامي من سيارة التاكسي على النحو التالي " لماذا أصلا ذهبو إلى ذالك المكان ، ماكانت تجب عليهم صلاة الجمعة أصلا " ،

طبعا أنا من الذين يصابون بإرتفاع ضغط الدم حين يسمع تعليقات كهذه وكنت أخشى من توقف القلب إن فضلت تجاهل هذا الرد ، فتساءلت " هناك 5 نساء قتلوا وأنت لم تلاحظي إلا أنه لاتجب عليهم صلاة الجمعة ؟ لم تلاحظي أنهم الآن جثث ومن الأولى طلب المغفرة لهم ؟" ، ويبدوا أني كنت في بؤرة مؤيدي هذا الضرب من الردود فتلقيت لكمات الكلمات عن يميني وعن شمالي وأتضح لي فيما أتضح من تفسيرات أن القضية فقهية في بعض نواحيها وأنني أستهين بالفقه وأني من شباب هذا العصر المضيعين والضائعين ـ حسب رأيهم ـ ،

كل ذالك كان فيما كان شيخ وقور " يبدو عليه أثر السفر " عن جانبي يوجه لي لكمة أخرى ،

" هيه أنت ، ألا تعرف أن هؤلاء من من خوارج آخر الزمان وأنهم يلقون بأيديهم إلى التهلكة في خروجهم على ـ نظام ولي الأمر ـ ؟ " ،

" ماهذا ؟" حدثت نفسي ، هل فعلا أنا مستغفل إلى هذا الحد ؟ لماذا ظننت أن هذا النوع من الأفكار قد إختفى إلى غير رجعة ؟

من أسوء مافي التاكسي عندنا ، هو أنه يرغمك على طريقة الباص في تجمع الناس من مختلف الأماكن وذالك مايرغمك على الإطلاع على أشياء غريبة جدا في المجتمع ، بعد ملاحظة الشيخ الوقور فضلت أن أصاب بستكة قلبية على أن أرد ،

يعني ماذا سأقول له ؟ هل سأقول " أن هؤلاء متظاهرين سلميين ، وأن هذا من حقهم وأنهم شعب ويريد أن يحكم نفسه بنفسه " ، فغالبا سيسفه كل ما سأقول ثم بنظرة حزينة سيستعيذ من ـ آخر الزمان ، ومن خوارج آخر الزمان ـ

الغريب هو حالة اللامبالاة التي يتميزون بها عند رؤية الدماء التي تسيل ، يريدون أن لا يصدقوا وحتى حين يصدقون يركزون ،

لست اختصاصيا في علوم النفس لكني على يقين أن هذا غير طبيعي بكل تأكيد ، لايمكن أن يكون هناك هذا المستوى من عدم المبالاة بالدماء التي تراق كل يوم ، لاشك أن هناك تفسيرات أخرى ،

شخصيا بدأ هناك تفسير يتبلور لدي وهو تفسير مخيف ومرعب بحد ذاته ، فالجميع تعاطف مع الشعب المصري ضد نظامه وتعاطف مع الشعب التونسي ، ثم مع الشعب الليبي بداية قبل أن تتدخل قوات الناتو ، فهناك بدأ منعطف خطير في تفسير مايحصل لدى الكثيرين ، وبدأوا بقياس كل مايحصل في العالم العربي على أساس ذالك التفسير ، التفسير يظن " أن هناك مؤامرة على العالم العربي وأن هذه الشعوب يتم التحكم عليها من بعد عن طريق شيء كالريمونت كونترول ، وانها أستهدفت أكثر القادة الذين كانوا يدافعون عن حياض العرب ـ القذافي مثلا ـ ، رغم أن الغالب الأعظم كان ينظر للقذافي كمجنون ، لكن نفس الغالب الأعظم تحول لديه ذالك الظن ـ من مجنون إلى مقاوم ـ ، وفجأة إتضح لهم سيناريو عظيم لإضعاف العرب ولتحطيمهم أكثر " .

حدثني حلاق ذات يوم " العرب أغبياء ، سمحوا لهؤلاء " النصارى" بخداعهم ، كان من قبل اسامة بن لادن يدافع عنهم ومات ولم يبقى إلا القذافي ، وهاهم خدعوا العملاء الليبيين بالثورة ضده ، كي لايبقى من يدافع عن العرب " ، ـ حقيقة ـ لست أفهم ماداموا عملاء فلماذا لايؤمرون بدل أن يخدعوا ،، هناك تراكمات من الأفكار الغريبة والمتناقضة والمضحكة أحيانا ، طبعا لم أحدثكم عن كونه ـ أي الحلاق ـ معجب بكلمات القذافي " زنقة زنقة ، بيت بيت ، شبر شبر " .

هذه لم تكن المرة الأولى التي يتعاطف فيها فئة منا مع الجلاد وتحتقر الضحية ، فالجميع يعرف كيف وقفوا بالآلاف ومئات الآلاف مع إجتياح العراق للكويت التي لا أحدثكم عن البطش الذي تعرض له الكويتيين حينها ، وكأنهم عندنا يستحقون الموت وكل أنواع التعذيب والقهر ، هل يعني هذا أن حاستنا الإنسانية ـ منعدمة ، أو ناقصة ، أو هذا شيء لم أفهمه بعد .

الخميس، 20 أكتوبر 2011

زيارة للمستقبل

تاريخ حرب اللا عنف في موريتانيا

منذ إنشاء الدولة ظل المواطن الموريتاني مغيبا ومبعدا عن المشاركة والإسهام في بناء التصورات الخاصة بالوطن ، مغيبا على جميع الأصعدة والمستويات ـ أحيانا ممنوعا من إختيار مايمكن أن يقول ـ رغم تفاوت ردات الفعل التي تعرض لها من قبل الأنظمة حسب معطياتهم الزمنية فحين كانت المعطيات تسمح بالسلخ والإغتيالات ـ مثلا ـ وجد الشعب الموريتاني نصيبه من السلخ والإغتيالات ووجد نصيبه من ردات الفعل المناسبة للزمن الديمقراطي ـ المزعوم ـ ، حين قام النظام العسكري في أواخر الثمانينات والتسعينات بالزج بمئات من قادة الراي في السجون في إستنساخ إبداعي لديمقراطية بمقاييس أخرى ، وبعد الإنقلاب الذي كادت بعض الأوساط المتفائلة أن تسميه " ثورة " ـ حين منحنا العسكر الديمقراطية والكثير من الأحلام حول المستقبل الزاهر لوطننا ورغد العيش المنتظر قبل أن يأخذوا منحتهم ـ شهد الكثير من الإزعاج العنيف لقادة الرأي ، فهذا ولد خطري الذي يطلق سراحه الآن بعد 3 سنوات من السجن في تهمة يبدو أنها لاتصمد أمام تحقيق بسيط ـ مثلا ـ .

في كل فترة من هذه الفترات كانت المجموعات المعارضة تتميز بميزات خاصة : كالعمل السري ، أو المعارضة السياسية التي تساق للصناديق ـ ظنا منها أن صناديق العسكر قد تحدث تغييرا ـ أو معارضة فالخارج يحدوها الأمل أحيانا ويخبو أملها أحيانا وقد يصل الأمر للمعارضة المسلحة كما فعلت مجموعة " فرسان التغيير " ، في حين ظل خيار " حرب اللاعنف " شبه غائب ،

ربما طبق مرات ولمطالب محدودة نذكر منها على سبيل المثال : إضراب عمال ميفرما الذين تعرضوا لإطلاق النار وسقط منهم شهداء لكنهم تمكنوا من التأثير في قرارات النظام حينها وتم تأميم ميفرما .


ماهي حرب اللاعنف ؟

اليوم في حركة 25 فبراير ـ كإطلالة منا على المستقبل حيث نرى موريتانيا دولة مؤسسات تحمي مواطنيها وأفرادها وتهتم بصغائر مشاكلهم ويشعر معها المواطن بفخر الإنتماء ويقينا منا أن الحرية والديمقراطية والرفاهية إن منحت من أحد فمن السهل على مانحها أن يأخذها لذالك فالسبيل الوحيد لتأمينها هو أخذها بقوة الشعب وليس الشخص أو الأشخاص ذوو القوة الذين منحوها ، بينما حين يأخذها الشعب بنفسه سيعرف كيف يؤمنها وسيكون هو صمام أمانها .

فاليوم كخيار آخر ( ليس النضال المتأني الذي يقبل بالجزئيات ويحاول تغيير الأوضاع عن طريق صناديق الإقتراع ـ التي صممت أصلا ليحكم الرئيس السابق أو من تسانده ويقف خلفه قادة المؤسسة العسكرية ذوو الميول السياسي ـ ، وليس النضال العنيف الذي يصب في مصلحة النظام لقوة وسائله والذي يصب في خلق المشاكل في الوطن والذي يعتبر من الوسائل غير المتحضرة وغير الإنسانية ،أو الإنقلاب الذي يعيد مسلسلا مقيتا من تبادل الكراسي والمصالح وتجديد الدماء في دولة الطغيان والنهب ) تحاول الحركة إعادة صقل نموذج جديد لمناصبة النظام العسكري ذي الصبغة الديكتاتورية ومدعي الديمقراطية بما صار يعرف بـ " حرب اللاعنف " .

وحرب للاعنف هي من إختراع المناضل الهندي الكبير " غاندي " لكنها بعد ذالك إتخذت الكثير من الأشكال وتطورت تطورات هائلة وقامت بإنجازات رائعة بالإضافة لمردودها السلمي على الوطن حيث لاتفتح مجالا للحروب او التدمير الداخلي بل تسد الطريق دون ذالك وإنما تحتاج فقط إلى نشطاء مقتنعين وذوو شجاعة تصل ـ أحيانا ـ لأن يتخذو من أنفسهم دروعا بشرية تارة أو صدورا عارية للرصاص أو نظرات متحدية للبطش الأمني أثناء التنكيل والقمع دون أن يتوقفوا عند أي حد أو تحت أي ظرف لأن الرفض والعصيان اللاعنفي الذي يتسمون به ليس له حدود ، مما يسبب الإحراج للنظام خصوصا إذا كان يباهي بحرية الرأي ـ أحيانا ـ .

" حرب للا عنف " لاتقوم على وسائل لاعنفية مثالية بإعتبارها ضد العنف إذ لجأت مدرسة اللا عنف على مدار عقود إلى إثبات أنها ضد العنف ، لكنها تطورت مع الممارسة لتؤكد أنها أيضا ضد الوسائل السلمية الدستورية ، فوسائلها ليست عنيفة مثل الحرب العسكرية ، كما أنها ليست ذات الوسائل الدستورية ، وبذالك يواجه المصطلح أولئك الذين لايرون حلا سوى العنف ، وأولئك الذين لايرون حلا سوى الحل السلمي الدستوري ، *

فحركات للاعنف تستفيد من خلال شنها الحرب على الأنظمة المستبدة بوسائل لا عنيفة متنوعة وبأسلحة مجهولة من قبل الأنظمة المتعودة على العنف والقمع ، فساحة اللاعنف وميدانه هي نقاط ضعف الأنظمة ومن هنا تبدو الحركات من الناحية النظرية وكأنها تمتلك الأفضلية وهي تخوض الحرب في ساحتها، وبلا شك سيحاول النظام فرض أسلوبه أيضا من حيث محاولة جر الحركات غلى ميدانه العنيف .


المستقبل ، الحاضر ، الماضي ، بدون أخذ المبادرة

إن غياب الصراع في مجتمع تنتشر فيه شتى أنواع المشاكل والأخطاء الممكنة وسكوت ذوو الحق عن حقوقهم هو جريمة في حق الوطن وفي حق أجيال لم تولد بعد ، وإستمرار تطوير ثقافة الخنوع والإستسلام للأمر الواقع لايفيد قضايا الناس ولايؤمن لهم حياة كريمة وفي المقابل يقوي الأنظمة ويقوي لديها دوافع الظلم والإستبداد والنهب الممنهج وتطوير ثقافتها الديكتاتورية ونشرها في المجتمع ، فلا يمكن إعتبار السكوت والخنوع والإستسلام فضيلة بأي حال من الأحوال .

وحين قررنا الخضوع والإستسلام في العقود الماضية لم أجد أن مشكلة تم حلها ولم أجد خروجا متوقعا من عنق الزجاجة وبعد عقود من الآن إن لم نفكر في نزع ثياب الإستسلام والتسليم وإنتظار فرج إعجازي فأظننا أيضا بعد عقود سنكون في حالة أسوء ،

ويكفينا إستقراء بسيط للماضي والحاضر لنفهم مايمكن أن يكون في المستقبل إن قررنا الإستسلام ، ففي الماضي كانت الحالة المعيشية أحسن من حيث بساطة المعيشة في حين حصل تقدم بسيط جدا في البنى التحتية على مدى عقود حتى صار أحدهم يفتخر بكهربة المدن في القرن الواحد والعشرين ، وفي الستينات والسبعينات ومنتصف الثمانينات كان نهب المال العام ضئيلا جدا في حين شهد فترته الذهبية في المنتصف الأخير من الثمانينات والتسعينات وأستمر في تطوير أساليبه حتى صار النهب يتم بطرق إحترافية ذكية وشديدة التعقيد ، وفي الجانب الحقوقي تمت مجازر للزنوج وكادت أن تتكرر هذه الأيام كما تم تجريم العبودية على الورق دون أن تكون هناك إجراءات جادة فعلا لإتمام ذالك المشروع أو لوضع الحد لمخلفاته ،

في عقود الدولة الأولى وحتى وسط الثمانينات كانت لاتزال لدينا ترسانة أخلاقية تحمينا من العار ورثناها عن الأجداد من قديم الزمان ، كانت السرقة والكذب والنفاق وما شابهها من الرذائل عارا يندى له الجبين ويتخفى صاحبه من أعين الناس ، ومع مرور الزمن قامت الأنظمة للا أخلاقية بإستنساخ تلك الأخلاق وتلك المبادئ وتمييعها بما يسمح لهم نهب الوطن وإضعاف المنظومة الأخلاقية للشعب ، حتى أنتشر في الثقافة الإجتماعية أمثلة من قبيل " افلان مشتمر " لأنه سارق وناهب للمال العام ، و " نافق كانك توافق " .

في المقابل لو كنا أخذنا المبادرة بأيدينا كان يمكننا أن نكون الآن إحدى أعظم الإقتصاديات الإفريقية بمواردنا الطبيعية ولوضع حد للنهب ولو فهمت الأنظمة الحاكمة أنهم مجرد مستأجرين لتنظيم وتطوير البلد مقابل أجر مالي وبضع صفحات من التاريخ ـ قد تكون عليه ـ وليسوا مالكين للبلد كما توقعوا جميعا ـ وكما لم يثبت لهم أحد العكس ـ ، كان يمكننا أن نضع كل عمل في بلدنا وفق أسس سليمة إنطلاقا من الصحة والتعليم والبنى التحتية وحرية الإنسان وكرمته ، لكننا قررنا الإستسلام وتطورت الأمور بهذه الطريقة ،

لو قررنا الإستمرار في الإستسلام الآن واستمر الأمر على ماهو عليه ففي أحسن الأحوال بعد عقود سيكون إقتصادنا الهش ـ الآن ـ قد إنتهى وربما تكون مواردنا قد نضبت وحروب أهلية قد حصلت ونسيجنا الإجتماعي قد أوشك على التحطم أو تحطم ، ربما تكون هناك دولة أشباح في حين سيكون أبناء قادة النظام الآن يملكون عمارات في أوروبا وتأمين صحي وإجتماعي ومسابح ومنتجعات من أموالنا ،

وربما سيصل التردي الأخلاقي لمستوى الدياثة وربما اسوء .

ماذا لو أتخذنا المبادرة ؟

ولو أتخذنا المبادرة من الآن ربما سنتدارك بلدا منهكا لكنه بلد قائم سيفهم فيه الحاكم المستقبلي والنظام القادم أنه تحت طائلة الشعب وانه مستأجر وليس مالكا ومكلف وليس مشرفا حينها سيكون للوطنية إحترامها وللمال العام إحترامه ولمشاعر الشعب وماله العام إحترامه ولمطالب الشعب إحترامها ،

وبالتالي لن تكون هناك دكاكين تضامن ـ ممنوحة ـ لأن الشعب يريد تخفيض الأسعار ودعمها ، لن تكون هناك إملاءات من الخارج لأن هناك إملاءات جادة وفعالة من الداخل ، ولن تكون هناك خطة عبثية لتخطيط الأحياء العشوائية لأن الشعب يريد مناطق قابلة للعيش تتوفر فيها مستشفيات ومدارس ، لن يكون هناك ظلم لأن الشعب يريد العدل ، ولن تكون هناك إرادة متسلطة فوقية تفعل ماتريد ـ ببساطة ـ لأن الشعب يريد .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*كتاب حرب اللاعنف ص 49 ـ إصدار أكاديمية التغيير ـ

الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

ساعة عبد الله 4

في طرف الشارع وفي المكان المعتاد للعب اللعبة الشهيرة والتقليدية جدا " ظامت " كان موضوع النقاش ملفتا للإنتباه ومستغربا من الجميع ، مضحكة جدا بالنسبة لعبد الله ، حين يحضر السالم يصمت الجميع بينما يحاول عبد الله جاهدا منع نفسه من الضحك ،

ـ أي غباء تتميز به ؟ إبتعد عن مكاني أيها الموبوء ـ خاطبه السالم ـ فيما كان يتجاوز خطوات وهو يكيل الشتائم ، نظر قليلا ثم غادر ، فيما تسائل أحد الحضور

ـ لاتبدوا لديه رغبة في هزيمة اليوم ...

بقهقهة عميقة كأنها تتجاوز المعهود تحدث عبد الله : يفضل إكمال مسجده ... ، ضحك الجميع فيما كان عبد الله يعيد القصة التي كررها مرات :

ـ كدت أموت من المفاجئة حين سمعت صوتا كصوت السالم وهو يلقي موعظة داخل المسجد " أن من قدم شيئا لله لم ينسه الله في حالة العوز والحاجة لله "،،، حين صاح به أحد الحضور وهو يظهر المفاجئة " أنت صاحب المسجد الأبيض الذي سقط سقفه العام الماضي ؟ هل اصبت حينها ؟ ، كان السالم يقطع موعظته ليجيب ، نعم أنا صاحب ذالك المسجد ، قضيت شهرا في المستشفى ومن الله علي بالشفاء لكن المسجد أغلق حين لم يجد إمدادات مالية حين سقط سقفه ،

يجيب الحاضر : ماكان على جماعة المسلمين ان تترك المسجد دون إعادة ترميم ،

يرد السالم : بني مسجد في الجانب القصي من الحي ووجدوا فيه عزاءهم ، ونسي الجميع أمر المسجد .

يجيب الحاضر : مهما يكن فإني أطالب جميع من هنا أن يساعد باي شيء لإعادة ترميم هذا البيت الذي هو من بيوت الله ، بعد أن نزع ورقة من رزمة 5000 اوقية : هذه مساعدتي للمسجد ، وفقكم الله في سعيكم فيما كان الجميع يزدحم في إتجاه السالم .

إتضح لعبد الله أن الموعظة قد أنتهت لكنها كانت المرة الأولى التي يكتشف فيها أين كان يأخذ السالم عطلته الأسبوعية ، لكن الغريب ـ يخبرهم عبد الله ـ أن السالم أدى دور الواعظ بإبداع شديد ، وأدي دور الخجول حين هب الناس لمساعدته بإبداع شديد ، وكانت مسرحيتهم هي الأروع من حيث الأداء .