الجمعة، 5 ديسمبر 2014

فلنجعلها ومضة تستحق



إنه عمر واحد عبارة عن 50 او 60 او 70 سنة في احسن الاحوال ، هذه تساوي أقل من جزء من الثانية في عمر المجموعة الشمسية (4.8 مليار سنة) .
بل إن تاريخ البشر المعروف ككل هو مجرد 15 ألف سنة وكل ما توصلت اليه البشرية من حضارة ومعرفة واكتشاف مذهل لهذا الكون وأسراره تم 15 ألف سنة ، كل هذه الخمسة عشر ألف سنة بما حملت من قيمة ومعنى لا تساوي من عمر الكون إلا جزءا ضئيلا من الثانية .

إن أعمارنا لا شيء فعلا .. لا شيء بكل المقاييس ، حتى بمقاييسنا : ألتقي فلان في المدرسة أيام الطفولة .. بعد عشر سنوات نلتقي فجأة في غرفة صديق مشترك ، يا إلهي ها أنت لقد صرت كبيرا ، لقد مرت هذه السنين العشر في لحظة ، كأنها الأمس ، بعد عشر سنوات أخرى ألقاه في محطة بنزين وإثر خصام حول أينا الأول تحت الواحدة في شدة الصيف أكتشف أنه ذلك الصديق الذي كنا في نعرف بعضنا في الطفولة ثم التقينا في سنين الجامعة ، وتبدو بدايات الشيب قد بدأت تغزو شعره ، يبدو قويا وأنيقا وحالته الاقتصادية تحسنت ، يا إلهي لقد مر كل هذا الزمن لكنه لا يبدو لي إلا كأنه الأمس .. وهكذا يستمر نفس القياس حتى سنوات السبعين والثمانين . 
إن أعمارنا ليست أكثر من ومضة سريعة ، ليست أكثر من لمحة خاطفة تختزن بعض الذكريات والقليل من التأثيرات وهذه الأخيرة هي ما يجعل لها قيمة، 
إن الذي يجعل هذه الومضة ذات قيمة لكل انسان هو ما سيغالب فيها من ظروف وعوامل معادية لكي يساهم في زرع الجمال والخير والعدالة والإنصاف والحرية والقيم المثالية التي تجعل من حياة الإنسان أفضل .