الجمعة، 5 ديسمبر 2014

فلنجعلها ومضة تستحق



إنه عمر واحد عبارة عن 50 او 60 او 70 سنة في احسن الاحوال ، هذه تساوي أقل من جزء من الثانية في عمر المجموعة الشمسية (4.8 مليار سنة) .
بل إن تاريخ البشر المعروف ككل هو مجرد 15 ألف سنة وكل ما توصلت اليه البشرية من حضارة ومعرفة واكتشاف مذهل لهذا الكون وأسراره تم 15 ألف سنة ، كل هذه الخمسة عشر ألف سنة بما حملت من قيمة ومعنى لا تساوي من عمر الكون إلا جزءا ضئيلا من الثانية .

إن أعمارنا لا شيء فعلا .. لا شيء بكل المقاييس ، حتى بمقاييسنا : ألتقي فلان في المدرسة أيام الطفولة .. بعد عشر سنوات نلتقي فجأة في غرفة صديق مشترك ، يا إلهي ها أنت لقد صرت كبيرا ، لقد مرت هذه السنين العشر في لحظة ، كأنها الأمس ، بعد عشر سنوات أخرى ألقاه في محطة بنزين وإثر خصام حول أينا الأول تحت الواحدة في شدة الصيف أكتشف أنه ذلك الصديق الذي كنا في نعرف بعضنا في الطفولة ثم التقينا في سنين الجامعة ، وتبدو بدايات الشيب قد بدأت تغزو شعره ، يبدو قويا وأنيقا وحالته الاقتصادية تحسنت ، يا إلهي لقد مر كل هذا الزمن لكنه لا يبدو لي إلا كأنه الأمس .. وهكذا يستمر نفس القياس حتى سنوات السبعين والثمانين . 
إن أعمارنا ليست أكثر من ومضة سريعة ، ليست أكثر من لمحة خاطفة تختزن بعض الذكريات والقليل من التأثيرات وهذه الأخيرة هي ما يجعل لها قيمة، 
إن الذي يجعل هذه الومضة ذات قيمة لكل انسان هو ما سيغالب فيها من ظروف وعوامل معادية لكي يساهم في زرع الجمال والخير والعدالة والإنصاف والحرية والقيم المثالية التي تجعل من حياة الإنسان أفضل .

الجمعة، 28 نوفمبر 2014

28 نوفمبر : بين أن نصنع الحلم أو أن نعيش الوهم .

#موجبو_نوفمبر


إن ذكرى الاستقلال لا تجعلنا نحتفل بما نحن عليه من فساد وتسيب وانعدام للحقوق وزبونية وأنظمة عسكرية غير شرعية تفصل ديمقراطية مشوهة على مقاسات شخصية وضيقة، 
لا نظن أن أي موريتاني موضوعي ووطني يحب وطنه وينشد له الازدهار والرخاء والحرية والعدالة يمكن أن يحتفل بما نحن عليه من حالات فساد واحتقار للمواطنين في الإدارات وفي مصالح الخدمات العمومية (صحية وتعليمية وإدارية). 
لا يمكن أن نحتفل ونحن نعي مشاكل العمال الموريتانيين منتهكي الحقوق في الشركات متعددة الجنسية وحتى الشركات الموريتانية ولدينا اليوم أمثلة واضحة من هذه الانتهاكات رغم أن كل الأمثلة واضحة وبينة ، فهناك عشرات العمال المرابطين على مدخل نواكشوط ممنوعين من الدخول في المدينة ليقدموا رسالتهم الاحتجاجية على ما يعانونه في قطاعهم من حيف وظلم ، 
هل يمكن أن نحتفل حقا باستقلال موريتانيا ومئات آلاف المواطنين في نواكشوط يعانون من سوء خدمات السكن والتعليم والصحة في قطاعات المساكن العشوائي الذي تحولت جوانب كثيرة من خطة اسكانهم في قطاعات منظمة إلى مصادرة الإنتهازيين من ذوي رؤوس الأموال الضخمة المدعومين من قبل النظام لأراضيهم ومحال سكنهم (قندهار ولمغيطي على سبيل المثال لا الحضر)
هل يمكن الاحتفال بالاستقلال عن فرنسا وهي التي تضع يدها بشكل كامل على كل التفاصيل المتعلقة بالسياسة المحلية لبلادنا بدءا بالتخطيط للانقلابات مرورا بتبديل البيادق الحاكمة

قد يذكرنا عيد الاستقلال الوطني بمعاني المقاومة ورفض الظلم والانتصار من بعده للحق والعدل ، قد يذكرنا بإنصاف المظلومين وإرساء دولة العدل والخروج من الوصاية الفرنسية ، والفرق بين أن نعيش حلما وأن نحلم بعيش واقع هو فارق كبير .. فحاولوا أن تحلموا باستقلال حقيقي لا أن تعيشوا حلما مزيفا .  


الأربعاء، 5 نوفمبر 2014

حراس اسنيم / الوجع الذي غلب صبر السنين

وصلت قافلة العمال القافلة من مدينة الزويرات الشمالية المنجمية بعد مكابدة رحلة مسير امتدت نحو الثلاثين يوما، رفع العمال المحتجون طول المسير مطالب أبسط من البساطة ذاتها .

فلاش
تم تأسيس شركة MSP  الأمنية في الأصل لصالح مجموعة من قادة الجيش النافذين بعد تقاعدهم ، وبدأت الشركة في استيعاب كامل القطاع المتعلق بحراسة المنشئات الاقتصادية والإدارية في موريتانيا ، حيث دمجت في صفوفها جنودا سابقين متقاعدين وعمال الحراسة التابعين لشركات مقاولة البشر المنتشرة في موريتانيا خصوصا في القطاع المنجمي ـ الخطير ـ ، وكان من بين العمال المستفيدين من هذا الدمج عمال الحرس في شركة سنيم ــ أو على الأصح من المستفيدين من الوعود بذلك الدمج ــ ، ويقتضي الدمج حسب وثائق العمال رفع الأجور ومساواتها مع عمال الشركة الأمنية ـــ حديقة الجنرالات المعتزلين ـــ .

الاضطرابات
بدأت الاضطرابات والمظاهرات الاحتجاجية في صفوف العمال في المناجم الموريتانية بشكل عام في عامي 2012 و 2013 بسبب سوء الظروف والمعاناة التي يعانونها إضافة إلى الخطر الصحي المضاعف في جو المناجم الغير محمي بالمرة خصوصا أن غالبيتهم العظمى لا تستفيد من ضمان صحي وقد تضايق مضايقات مقززة في الرواتب والأجور الشهرية ، وهذا تماما ما حصل لحرس سنيم حيث تم نقص أجورهم التي تم التوقيع عليها مسبقا كما لم يتحقق بعد دمجهم بشكل رسمي للشركة الأمنية MSP  وهو أيضا قرار تم التوقيع عليه بحضور والي الزويرات ،

حوت يبلع حوت
ثمة جانب مضحك أيضا في قضية العمال وهي أن كل واحد منهم لديه وثائق تثبت اضافة علاوة جديدة هي 10 % إلى رواتبهم مع حلول مارس الماضي 2014 لكن النتيجة الفعلية لما حصل هو أنه تم نقص رواتبهم بالنسبة ذاتها .

مشهد موجع ضمن مئات الأوجاع 
يخبرني أحد الحراس بحرقة وقد قطع صوته غصة المأساة أن وضع الحراس كارثي حتى لو تم تطبيق الاتفاقيتين الموقع عليهما واللتان كانا السبب الرئيسي في اللجوء إلى هذه المغامرة الكبيرة التي قاموا بها ، حيث قدموا من مدينة الزويرات في حج احتجاجي على الأرجل في مسير طوله 750 كلم/600 ميل، فهم يعيشون في منفيات حراسة يحرسون قطعا ثمينة كالكابلات العملاقة والأجهزة الميكانيكية الضخمة ورغم هذا لا توفر لهم الشركة أي مواد غذائية (لا أكل ولا شرب) بل على الحارس ـــ المسكين ـــ أن يحمل غذاءه "وشايه" وماءه بالكم الكافي لأسبوع كامل إلى مكان الحراسة وكذلك عليه أن يحمل من الصبر ما يكفي لكي يبتلع أوجاعه ، ويبدو أيها الأعزاء أن الوجع الذي يعانون منه اليوم أكبر من كل صبر، إنه وجع بطول المسافة التي قطعوها  وبعمر البعض منهم ممن تجاوزت أعمارهم السبعين ولعل الصورة في الأسفل تتحدث بشكل أبلغ. 


الجمعة، 24 أكتوبر 2014

ا..ب .. وعي

هناك أطروحات يستعملها بعضنا كثيرا في حواراته اليومية وتشكل جزءا مهما من وعيه ، هذه الأطروحات يعتمدها ببساطة دون أي محاولة إعادة النظر فيها باعتبارها مسلمات . مثلا :
يفترض بعض "المثالويين" أن ضروب الخلافات الدائرة في الساحة العامة الموريتانية هي أمر طبيعي في بلد ديمقراطي على أن لا تتجاوز الحدود الديمقراطية المسموح بها كتقبل الآخر ـ مثلا ـ ، وهذا الاعتبار يعطي الجميع حق الاختيار في أي صف سيكون وعلى الجميع احترام قراره مع ابداء ملاحظات مهذبة تتفهم ـ مبدئيا ـ حقه في اختيار صفه "السياسي" ثم تعرج إلى مآخذ توجد في أعماق تفاصيل القضية الموريتانية .
والحقيقة أن الطرح السابق كمثال على الأطروحات التي نبهت عليها بإختصار وغيرها هي انعكاس جيد لتزييف عميق للوعي عشش فينا عميقا وأبسط اعادة نظر مؤسسة على المنطق تجعلها أطروحات مضحكة ..
فمادمت مطالبا بالتزام الحدود الديمقراطية في التعامل مع الآخر فإني أطالب بوجود الديمقراطية أولا .. فإذا قلت لي : لكن عليك أن تتحلى بالسلوك الديمقراطي في التعامل مع الآخر ـ الغير ديمقراطي ـ ! ، أقول : أنه لا يوجد سلوك ديمقراطي ـ مخصي ـ في واقع غير ديمقراطي ، أنا ابحث عن الديمقراطية ولا يمكن أن أكون ديمقراطيا إلا اذا كانت هناك ديمقراطية .
كذلك لا يمكن أن أحترم للآخر أن يسرق بلدي وأن ستغلها ويديرها بكل الأساليب الهمجية والتلاعب بأمنه وتحطيم مؤسساته وهدم الوطن في نفوس المواطنين ـ أو ماتبقى من الوطن ـ ، لا يمكن أعتبر كل هذا وجهة نظر علي احترامها .. لا يمكن أن اعتبر شخصا مطبلا لنظام عسكري هدام معبرا عن رأيه ، لا يمكن أن اعتبر مظاهرة المفسدين وجهة نظر سياسية ، لا يمكن أن اعتبر وجود ممارسة سياسية طبيعية في ظل جو سياسي غير طبيعي وهدام وقتال للوطن،
الخلاصة أنه لا توجد موالاة ولا معارضة ديمقراطية ، هذه مجرد شعارات خداعة لتزييف الوعي .


الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

فيلم نواكشوط أم فيلم تمبكتو



لو لم نكن في نواكشوط البارحة ... لو تم العرض في أي مكان آخر خارج #موريتانيا فحينها لن تشاهد إلا فيلما واحدا كان مبرمجا أن يعرض ، أما وقد هم المشرفون على الفيلم أن يعرضوه في انواكشوط فقد أضاف هذا أبعادا أخرى قد تتجاوز في مضامينها التراجيدية ما قد يقدمه فيلمنا من التراجيديا التي هي موضوعه الأصلي ..
لقد شعر الفيلم نفسه بالغيرة مما قدمته مدينة انواكشوط لزوار دار العرض من خدمات تراجيدية توفرت قبل العرض وأثناءه وقضت عليه قبل أن ينتهي ..
 فهناك ذلك الفيلم التراجيدي المريع الذي لا ينتهي عن وسط العاصمة "كابيتال" في أي ساعة أو دقيقة من السنة وهو الناموس ، لقد ساهم الناموس قبل العرض بدور عظيم في تتفيه ما قد يقدمه الفيلم من الآلام ، فقد هاجمتنا كتائب خاصة جدا من ناموس النخبة في انواكشوط قبل عرض الفيلم وأثناءه.
ليس الناموس هو الوجه التراجيدي الوحيد الذي قد ينغص الإحساس بعمق الآلام التي وضع فيها فنان مخضرم ومخرج عالمي كل تركيزه في إيداعها الفيلمَ في محاولة لرصد إحدى أكثر الكوارث الإقليمية ألما خلال العشرين عاما الماضية ، فقطع التيار الكهربائي المتصل الذي أمعن القاطعون في قطعه مباشرة بعد أن "تيترنا" أبو بدر في إحدى قصصه الخيالية أننا سنصير عما قريب من الدول المصدرة للطاقة وأننا سنضمن ـ قطعا ـ تصدير الطاقة "الفائضة" عن حاجتنا إلى جيراننا ، ثم طالعتنا وسائل الإعلام بعد هذا التصريح بأيام قليلة بخبر اتفاق بموجبه تصدر موريتانيا كمية معتبرة من الطاقة لجارتنا السينغال ، لقد كان هذا منذ سنوات قليلة وصارت قصة تصدير الطاقة رمزا للتندر بعد الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي. لم تترك مدينة نواكشوط مناسبة عرض فيلم تمبكتو تفوت دون أن تجهز إضافة إلى الناموس أعمق أبعاد الرعب والتراجيديا على أجواء صالة العرض وهي انقطاع التيار الكهربائي لعدة دقائق،

هناك نكتة قديمة  اشتهر بها التلفزيون النظامي وصاحبته على مدى عمره حتى اليوم وهي عبارة "خلل بسيط"، تلك العبارة يا أعزائي كانت لقطة النهاية التي قضت على فيلم تمبكتو قبل اكتماله وكأنها تقول له ـ مانك حاكي شي ـ وأبقت فيلم انواكشوط المستمر على منواله الغرائبي الجامع بين الطرافة والرعب والمأساة .

الأربعاء، 27 أغسطس 2014

"الموت" و "القتل"



رقص فؤادي طربا حين سمعت قصيدة الشاعر الفلسطيني الجميل تميم البرغوثي، ذات المطلع : "كفوا لسان المراثي إنها ترف=عن سائر الموت هذا الموت يختلف" ،
 حدث هذا منذ اليوم الأول الذي سمعت فيه هذه القصيدة يوم إلقاءها المباشر في مسابقة أمير الشعراء في النسخة الأولى والأكثر تميزا ــ برأيي ــ  

ولا زال هذا حالي مع هذه القصيدة الراقصة بين زوايا وحواف دواوين القضية،
غير أن لدي بعض الملاحظات المتأخرة عليها، وبالتحديد على الاستخدام الدلالي لعبارة "الموت" في قصيدة تتحدث عن الاعتداء والقتل ثم المقاومة ، أي نقيض الموت.

حسب رأيي فالموت يحمل دلالة رمزية أبعد من الموت البيولوجي ، فالموت ذا دلالة مناقضة لجوهر وروح الحياة " غياب الطموح ، غياب الأمل ، غياب الزهور ، تردي الفنون، تردي العلوم ، تردي الانتاج ، رواج الظلم ، استبداد الاستبداد " وليس بالضرورة الحياة البيولوجية نفسها، بينما القتل يعني بالتحديد سلب الحياة البيولوجية من كائن أو مجموعة كائنات وقد يكون مناقضا للموت ـ
وفي سياقنا هذا - أي سياق المقاومة - على الأرجح هما متناقضان تماما،
 فبعد "القتل" والهدم تولد روح المقاومة والابداع ويبزغ جوهر الحياة وتنضج ثمرة المقاومة المنافية تماما .... للموت ، وفي بداية كل ذلك يموت الموت مع أول صوت مقاوم ، 
لذلك يا تميم :

"كفوا لسان المراثي إنها ترف = عن سائر "القتل" هذا القتل يختلف"


وأنت حر أولا وأخيرا - كما تعلم - J !،  
ثم حتى رغم إصرارك على هذه "الموت" يا تميم، اطمئن فلازال فؤادي يرقص طربا من قصيدتك  . 

الثلاثاء، 17 يونيو 2014

ديمقراطية الجنرال و تقليد الغراب !


كم كان مشهدا مهيبا وبهيا يوم 12 من مارس 2012، لقد أصبت بالقشعريرة وأنا أرى سيولا جارفة من البشر الحالمين بخلاص بلادهم من لوبيات الفساد المعششة في مفاصل الحكم في البلاد والمحميين بواجهة عسكرية لازالت تشكل القوة الأهم في المعادلة السياسية ، حين وصلنا الشارع المؤدي للقصر الرئاسي كانت هناك عزم ورغبة شديدة لدى الكثير من الشباب في مواصلة الطريق وانتزاع القصر ممن لا يستحق التواجد فيه .

أذكر يومها حين وقف الجنرال يرعد ويزبد في انواذيبو وقد بدا على حقيقته شيئا ما، بعيدا عن هيبة البروتوكول - والذي أشفق على الذين يدربونه عليه حقيقة -،
قال يومها بملء عقيرته أن هؤلاء "العجائز" يريدون من يعتقلهم ويدخلهم السجون لكنه لن يفعل ذلك ،وقبل أيام قليلة كرر الجنرال تدليلا على "ديمقراطيته" نفس المقولة وهي أنه لم يعتقل سياسيا ولم يسجن بسبب الرأي، الحقيقة أن كل تصريحات الجنرال تدل دائما على أنه وكل حواشيه وفطرياته جاهلون تماما بمعنى الديمقراطية وأهم أسسها وهي تنوع الصلاحيات ،
فالرئيس الذي يمكنه حبس أي شخص في أي وقت – ثم يختار هو فقط بمحض إرادته أن لا يفعل – هو قطعا ليس في دولة ديمقراطية تحترم التخصصات وتوكل سجن الناس وتجريمهم وتبرئتهم لقضاء مستقل ، لكن هذه اللمحة ليست هي الأولى والأخيرة من هفوات المسرحية الديمقراطية الشاذة التي يلعبها اليوم عسكري انقلابي انقلب على رئيس مدني منتخب ،
في شهر مارس الماضي نظم الجنرال لقاءا مع بعض الفتية الذين تم اختيارهم بطريقة ما فيما سمي ب "لقاء الشباب" وكانت هناك ورشات عمل ومسرحية بفصول شبه متقنة مع أداء جيد لكل المتكلمين إلا قليلا منهم، ممن تعلق بالثقافة الأحمدواهية السائدة، لكن فصلا مهما في المسرحية غاب تماما عن أداء الجنرال حين تعهد بتنفيذ كل الورشات التي افرزها الشباب في عهدته ناسيا أن فصول المسرحية من المفترض أن تتضمن ظهوره غير واثق من النجاح في الانتخابات لأنها تحوي الكثير من الاحتمالات ولأن هذه هي طبيعة الديمقراطية الحقيقية .

لكن، مهلا .... لماذا نتبع الهفوات البسيطة للجنرال الذي قام بانقلاب تطور تبريره كل مرة مع تطور صياغة رجال الجنرال "المدنيين" لحيثياته؟!، الخطاب الذي بدأ وبلسان الجنرال ـــ شخصيا ــــــ غير مرتكز إلا على ردة الفعل على عزله وثلة من قطيعه الخاص في الجيش من مناصبهم في قيادة الجيش حيث يتحكمون في كامل مقدرات وسلطات البلد من خلالها، في نفس اليوم تعهد الجنرال أنه سيوزع النزر القليل من "العدل" المتوفر في جيبه، والآن بعد 7 سنوات من تطوير طحالبه للخطاب السياسي لجنرالهم الانقلابي لازالت الهفوات الكبيرة تظهر باستمرار، أنظروا معي هذه الصورة



                                                        - ركزوا في تاريخ المسابقة - 

في الصورة السابقة عجز منظموا المسابقة الرمضانية أن يلاحظوا أنه ولكي تكون المسرحية مخرجة بشكل جيد فعليهم في هذه الفترة بالذات أن يوهموا الناس أن ولد عبد العزيز ليس رئيس الجمهورية بل "رئيس مجلس الشيوخ" وذلك بما ينص عليه دستورنا المضحك .
ومع كل هذا سيستمر الجنرال في سبك خيوط مسرحيته السخيفة مستعينا ببعض الفطريات السامة على بلادنا والذين اختاروا جيوبهم على ضمائرهم وغذى كذبهم وخداعهم استفحال عاهة نفوسهم ، لكنها ستظل دائما مسرحية سخيفة وسهلة الكشف وسيبقى الأمر شبيها بالغراب الذي حاول تقليد مشية طائر الرخمة فلم  يستطع ونسي مشيته .


لذلك نحن نقاطع ، لأن الديمقراطية تأتي قبل الانتخابات ولا تأتي بمجرد إجراء انتخابات ضد من لديه مال الدولة وكل منافذ السلطة ومقدراتها لدرجة أن بإمكانه أن يسجن ما يشاء وقت ما يريد أو باستطاعته الالتزام بتنفيذ أي شيء في أي وقت بما في ذلك مابعد انتهاء مأموريته أو يرعى مسابقات في الفترة التي لا يكون فيها رئيسا بنص الدستور. 

الثلاثاء، 1 أبريل 2014

فن الممكن / الواقعية السياسية



احدى اكثر  التعريفات انتشارا للسياسة اليوم هي أنها فن الممكن ، ورغم أن هذا تعريف واسع بشكل كبير يتعلق بمساحة عملاقة/بل عملاقة جدا من الممكنات، إلا أن استخدام سياسيينا له يميل بشكل كبير إلى التقييد وتقليل مساحة التحرك الممكنة وبالتالي فغالبا، يستخدم هذا المصطلح كحجة لكمية ضخمة من التنازلات والسقطات السياسية التي نقدمها في أطياف المعارضة الموريتانية في الماضي والحاضر وربما في المستقبل، تنازلات زادت عبئا ثقيلا فوق أعباء حلم التغيير وجعلت المشهد ضبابيا وغير مبين لأنها كانت في الغالب تنازلات يفرضها الجانب القوي (النظام العسكري) على الجانب الضعيف (المعارضة التقليدية) الأمر الذي حشر المعارضة في مساحات تحرك ضيقة ومحددة سلفا من خصم كان حريا بها أن تواصل في اعتبار طبيعة الصراع معه صفريا.
 وعودة إلى المصطلح الذي أريد نقاشه في هذا المقال "فن الممكن"، فمن وجهة نظري يمكن تحديده بصيغة تجعل تطبيقه مقنعا ومفيدا من خلال التصورين التاليين :
1ـ فهو إما أنه مصطلح ثابت ومتعارف عليه في العمل السياسي وأحد القواعد الثابثة فهذا بالتأكيد يشترط أن يكون استخدامه يتماشى مع طبيعة الأجواء السياسية، فكيف يمكن أن يطالب طرف سياسي بتقديم كم كبير من التنازلات تحت ذريعة التفسيرات التعجيزية لمصطلح فن الممكن، في حين يبقى الطرف الآخر رافضا لأي تنازل ومتمسكا بكل أسباب القوة والسيطرة دون أن يترك مجالا ولو صغيرا لمنافسة حقيقية؟!
2. أو أنه مصطلح نسبي يستخدم ضمن ركن خلفي في الأدبيات السياسية ويتم تعريفه والتعامل معه تأسيسا على طبيعة الصراع التي توجد في البلد بعد تحديدها بدقة.
أحد التصورين السابقين للمفهوم يمكن أن يكون مقنعا ومنطقيا لأنه يأخذ ـ دائما ـ في الاعتبار أن المساحة التطبيقية لهذا المفهوم أو أي مفهوم سياسي يجب أن تبقى وفق ما تمليه طبيعة الصراع السياسي الموجود ووفق ما سيحقق من مكاسب سياسية تخدم التغيير ولو مرحليا لكن الأهم من ذلك أن لا تضيف ضبابية على المشهد العام وتصب العثرات في طريق التغيير الجذري ، فليس من الحكيم أن نربح أشهرا مقابل أن نخسر سنوات أو عقودا.

ــــــــــــــــــــ

*طبيعة الصراع الصفرية : هي اعتبار الصراع مع المستبد أو الذي يلعب على الحبلين (الديمقراطية المزيفة/الاستبداد)  صراعا نهائيا ويسعى إلى تفكيكه بشكل كامل وبناء منظومة سياسية عادلة جديدة 

الاثنين، 24 مارس 2014

سابك أشكراف ح1



تعليقا على لقاء الشباب الذي تم تنظيمه قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية والذي وعد فيه الجنرال الانقلابي عزيز الشباب بتحقيق نتائج الورشات التي قدموا له ، وكان هناك بعض التساؤلات الطريفة حول مدى يقينية الجنرال مقدما من فوزه وعن نفسي أشاركه نفس القينية طبعا ـ النتيجة معروفة سلفا ـ 





الخميس، 13 مارس 2014

وهم التراكم



1)   مفهوم التراكم من منظورين
يرى الكثير من السياسيين "التقليديين" ـــ من إطار تبريري ــــ اليوم في موريتانيا أن عملهم السياسي هو عبارة عن جهد تراكمي يساهم في توعية الجماهير وربطها بالشأن العام إلى أن تحين ساعة التغيير التي سيهب فيها المجتمع الموريتاني بشكل عام بعد أن يصل التراكم (المزعوم) المستوى الأقصى ـــ إن كان سيحدث يوما ـــ،
وكذلك يميل بعض "المراقبين" و "الفاعلين" في المشهد السياسي ـــ كتفسيرــــ إلى أن يعزوا القدر "الموفر" من الحريات العامة وحرية الاعلام إلى تراكم النضال السياسي على مر الخمسين سنة الماضية ، وكأنهم بذلك يحاولون تفنيد ادعاء ممثل النظام العسكري الجنرال عزيز بأنه هو من وفر ذلك الجو من الحريات وأنها من انتاجه وحسناته .
لكن الخطير في استغلال سياسيينا لهذا المفهوم "التراكم" هو أنه صار كمفهوم مبررا للكثير من الخلط السياسي المضحك أحيانا ، فعبارة من نوع التراكم قد يستخدمها أي سياسي تقليدي يتسربل بثياب معارض/مناضل لتبرير خطوات انتكاسية كالمشاركة في حكومة النظام العسكري أو كغطاء لبعض الهرولة المصلحية التي قام ويقوم بها أغلب السياسيين المعارضين على مر العقود القليلة الماضية ،

2) وهم التراكم
كي لا أكون محبطا لهمم الرفاق المناضلين الحاملين لهم التغيير سأعترف في بداية هذه القراءة قبل الدخول في تحطيم هذا الوهم المستبد بعقول بعضنا، سأعترف بداية أن كل أجيال النضال السابقين حاولوا بجهد وصدق وشغف وحماس وتضحية إحداث التغيير وتحقيق الأهداف التي وضعوها لنضالهم ، هذا ــ طبعاــ قبل أن يتم تدجين بعضهم أو قبل انخداع بعضهم بالتفسيرات الكسولة لمفهوم الواقعية .
وفي إطار مناقشتي لوهم التراكم أقترح عليكم تقسيم الطرح الناقد لهذا المصطلح على المستويات التالية :
·     متى يكون من حقنا إدعاء احداث تراكم انطلاقا من نضالنا ؟ !
أظن أنه توجد إجابة وحيدة منطقية تجعل من حقنا نسب أي تراكم نضالي أو حقوقي لنشاطنا أو اقحامه في كل شاردة وواردة في طرحنا السياسي ، هذه الاجابة هي أن نكون فعلا وضعنا خطة استراتيجية طويلة الأمد (خمسينية مثلا) لنضالنا السياسي ، وانطلاقا من وعي كامل بها وبمراحلها يمكننا أن نتجرأ ونتسربل بمصطلح التراكم تفاديا لبعض اخفاقاتنا، وأقول جازما أنه لا توجد خطة استراتيجية طويلة الأمد لدى المناضلين أو المعارضين التقليديين للتغيير في موريتانيا .
·     ما هي نتائج "التراكم" المتحققة الآن ، ومن المستفيد منها ؟ !
يدعي البعض أن تراكم النضال الموريتاني كحقيقة يستند على بعض المعطيات التي تؤكده ومن أهمها اطلاقا، حرية التعبير والمستوى المتوفر من الديمقراطية الشكلية بالإضافة لبعض تجليات الحريات العامة ، ويعتبر هؤلاء بشكل قاطع ــ وأنا أوافقهم في ذلك تماما ــ أن هذه المكتسبات ليست منة من عصابات العسكر تنازلوا عنها رغبة منهم في تغيير بلادهم نحو الأحسن ،
لكن هذه "المكتسبات" ليست بالضرورة من صناعة التراكم المزعوم، فالحالة العامة في العالم تفرض هذا المستوى الضئيل من مظاهر الديمقراطية، ولعل ذاك هو التفسير الأقرب لتنازل النظام العسكري عن هذا الفتات المضلل.
ولو قمنا بتقييم بسيط لهذا الفتات لوجدنا أن المستفيد الأكبر منه هو النظام العسكري فهو يشكل قناعا مناسبا لتضليلنا في تحديد نوعية النظام الذي نواجهه، بالإضافة إلى أن استفادة المعارضة وقوى التغيير ـــ إن صح التعبير ـــ من هذا الفتات لا تعتبر حتى بل العكس، لقد فقد خطاب التغيير في ظل الضبابية الخادعة الكثير من بريقه ووضوحه وتأثر بذلك الطيف المعارض نفسه، والذي غالبا لديه إجابتين موسميتين عن كل سؤال يتعلق بالمفاهيم السياسية العامة ، مثلا قد يجيبك أحدهم اليوم أنه لا يوجد ديمقراطية في موريتانيا في حين يجيبك في موسم آخر أن هناك أسس للديمقراطية لا يحق لنا أن ننكرها رغم أن الحالة لم تتغير في كل تفاصيلها .
·     هل هناك تصور لصناعة تراكم تغييري في المستقبل؟!
غالبا ليس هناك طرح تأسيسي لتخطيط طويل الامد ينتج تراكما يصنع تغييرا ، لكن عبارة التراكم تستخدم كثيرا في الخطابات السياسية المعارضة لتبرير الخطوات البارغماتية التي يلجأ لها أي طيف سياسي في اطار نظرته الخاصة الضيقة والمنعزلة تماما عن أي نظرة لصناعة تأسيسية للتغيير .

عموما، أريد الاعتراف والتأكيد على الأهمية القصوى للتخطيط في أي عمل تغييري جاد يتجاوز الأطر والاطروحات الضيقة، ولا شك أن نتائج ذلك التخطيط في كل مرحلة هي تراكمات من الثوابت الوطنية التي تأسست في كل مرحلة عن وعي وتخطيط مسبق. ، لكنه بكل تأكيد ليس الوهم الذي نبيعه لعقولنا الآن .