الثلاثاء، 3 نوفمبر 2015

بيير مسافرا عبر العالم


في الأيام القليلة الماضية قابلت شابا من كوريا الجنوبية يدعى بيير 25 عاما، يحمل حقيبة ظهر وكمبيوتر (ماك) وقصة حول عشرات آلاف الكيلومترات التي قطعها في سفر ه حول العالم.
بدأ بيير بالتخطيط لرحلته قبل عامين من بدايتها الفعلية حيث سافر إلى استراليا بغية الحصول على المال ، عامان من العمل والادخار، ورغم أنه ادخر في هذين العامين 60 ألف يورو إلا أنه يظن أن رحلته حول العالم لن تكلفه نصف هذا المبلغ.



أكد لي ثقته من سهولة تكاليف (رحلته) في احد مقاهي نواكشوط وقد خمن ذلك بعد أن قطع ما يربو على 25% من المسافة الكاملة لهذه الرحلة، وضرب لي مثلا أن تكاليف فترة إقامته في اسبانيا لم تتجاوز 200 أورو  في شهرين.
بدأت رحلة بيير حول العالم في نهاية مايو من هذا العام حيث عبر روسيا بالكامل في اسبوعين على متن قطار وغادرها من بوابة سيبيريا نحو فيلاند (6 أيام) ثم استونيا(3 أيام) فالسويد(يومين) ، والتقط بعض الأنفاس في النرويج حيث قضى اسبوعين بين مرتفعات برايكيستولين وصخرة جيراغ،




مر باليونان ثم اطاليا والطريف في ما يحكيه أن اطاليا لم تكن في خطته لكن تذكر (اسباغاتي) ولأجلها قضى 4 أيام في اطاليا ... مرفه بيير هذا ، أليس كذلك ؟!

حسنا!! ، لقد اعتذر عن نفسه بعد هذا الترفيه المخملي(زيارة إيطاليا من أجل السباغاتي)، حيث خاض رحلة على الأقدام طولها 1000 كيلومتر ، 40 يوما من السير على الأقدام على طول الشريط الحدودي بين فرنسا واسبانيا، انتهت مسيرة "الألف كيلومتر" بالتراشق بالطماطم في مهرجان (لاتوماتينا) الشهير الذي يقام في اسبانيا كل عام في الأربعاء الأخير من شهر اغسطس.
يصف بيير اسبانيا بالساحرة التي حبسته عن مواصلة رحلته مدة شهرين كاملين ثم غادرها إلى المغرب.




 كانت خطته أن يتابع في طريقه بين دول شمال افريقيا ثم الشام ثم العودة لمصر فالسودان متوغلا جنوبا حتى جنوب افريقيا (كما هو مبين في الصورة) لكنه قرر إبان فترة إقامته في المغرب (40 يوما) أن يتوغل جنوبا نحو موريتانيا.

سألت بيير عن أغرب حادثة صادفته في هذه الرحلة فأخبرني أن الأغرب كان هنا في موريتانيا، تعرض بيير لسرقة في احد النزل في احدى مدن موريتانيا وحين قدم لقسم الشرطة ليقدم شكوى لم يغير الشرطي من جلسته وظل يتابع عرضا تلفزيونيا، طلب بيير –حسب ماقال- قلما لتدوين شيء ما وحاول اقتناء قلم على الطاولة فنهره الشرطي... قضى بيير في موريتانيا 17 يوم زار خلالها شوم ونواذيبو واكجوجت ونواكشوط.








حتى آخر حديث لي معه، هو الآن (وقت كتابة هذه التدوينة) يتواجد في السينغال، يفكر في التوغل جنوبا حتى جنوب افريقيا ثم العودة شمالا باتجاه مصر فدول الشام فأوروبا ثم الطيران إلى أقصى نقطة من جنوب أمريكا الجنوبية ليتابع طريقه البري شمالا إلى أقصى شمال كندا، يتوقع بيير أن تستمر رحلته هذه لعامين آخرين في طريقه الطويل لكي يكون مواطنا عالميا.

الثلاثاء، 11 أغسطس 2015

فصول لا تنتهي من عنجهية الجنرال والمقربين منه

لم تنطلي الخديعة البينة الزيف التي فبركتها الآلة الإعلامية (المتخلفة) للنظام العسكري حول حادثة رصاصة الجنرال والتي طلعت في إحدى أسوء الإخراجات في التاريخ لدرجة قد تجعل جوبلز يصيح ما هذا الغباء ؟! وجوبلز هو أحد أهم رواد الخدع والفبركات الإعلامية وتنسب له المقولة الشهيرة "اكذب اكذب حتى يصدقك الناس" ، لم تنطلي تلك القصة التي لم تحترم عقول المواطنين بل فاقت كل مستويات الاحتقار الممكنة لهذا الشعب ، ظلت قصص أكثر منطقية تتوارد بين الناس كان من بينها قصة حول قريبة للجنرال تربطها به علاقة "عاتفية" ولعل تلك العلاقة – حسب الإشاعة – تمددت إلى ما يجعل تلك الفتاة تغضب وتصل مرحلة اليأس ثم تلوح بمسدسها وتطلق رصاصة على الجنرال.

      *** 
قبل حادثة رصاصة الجنرال بأشهر كان الفتى بدر (إبنه) يلهو بين أقرانه ويرفل في المليارات التي نهبها والده من أقوات الناس وصحتهم وتعليمهم، ولعل الفتى كان في حالة شبيهة بالسعار تلك الليلة حين فتح حوارا عنوانه الحب بالإكراه مع فتاة وعشيقها (صديقه) كان الإثنان نديماه في تلك الليلة، طرح بدر بين يدي ذلك الحوار سؤالا ومسدسا وما يكفي من جنون العظمة ثم أطلق رصاصة بشكل مباشر على فتاة حية ربما كانت قبل دقائق من تلك اللحظة التي اخترق البارود أحشاءها تضحك وتشعر بنشوة الصحبة وروعة مرافقة المشاهير وذوي السطوة.

*** 

بائع بقالة  يقابل آلاف المشترين يوميا بجميع أنواعهم وعقدهم ومشاكلهم، لاشك أنه شارك في الكثير من الصراعات بالأيدي والسباب وربما ارتفعت إلى التلويح بالعصا أو بسكين الطبخ بأسباب متنوعة قد يكون من بينها خلاف حول برتقالة منتهية الصلاحية ينتهي ذلك الخلاف بأن يخرج المشتري وهو يتمتم (ذا العالم لاهي يخلى بيه عزة الرزق!!)، نفس البائع يفاجأ ذات يوم برجل مسلح يلوح بمسدسه ولا يكتفي بالتلويح فقط بل يرميه بالرصاص، والمشهور أن السبب كان أن هذا البائع (الوقح) رفض طلبا ما يتعلق ببرتقالة! ، برتقالة؟! نعم برتقالة، هذا الرجل هو قريب أيضا للجنرال وهو مسلح وله رخصة – السكوت عنه- في أن يرمي الناس بالرصاص خصوصا إن كانوا (وقحين) كصاحب البقالة .

***
كنت من المنزعجين كثيرا من تصرف بزرة وكنت استغرب العقوبة القليلة التي صدرت بحقه لكني الآن اسخر من نفسي فقريب الجنرال الحساس جدا تجاه البرتقال لا زال يتجول بنفس المسدس.

قبل أشهر قليلة قامت مجموعة أخرى من المقربين للجنرال بالتهجم على الصحفي حنفي ولد الدهاه واعتدوا عليه بالضرب وبعد تلك الحادثة بفترة قليلة تعرض لحادث إحراق سيارته ويرجح أنه ــ أي الحادث ــ هجوم ليلي من مقربين أيضا من الجنرال، ولا يجهل اليوم أي شخص في موريتانيا مستوى الاحتقار الذي يعامل به الجنرال موظفيه ووزراءه وكل من لديه سطوة عليه.
إذا هو زعيم "عائلة" (بالمعنى المافيوزي) لا يعرفون التعامل الطبيعي مع بني البشر، لا يعرفون معاملة الآخرين باحترام، لا يعرفون الإحساس بمعاناة الآخرين، لا يعرفون إلا ضيق أفقهم الذي يوحي لهم بسهولة سحب الزناد ماداموا في حل من العقاب.



السبت، 11 يوليو 2015

قصة الإختطاف والتعذيب الذي تعرضنا له

تم اختطافنا في صباح العاشر من يوليو (الساعة صفر) وهو تاريخ يحمل دلالة رمزية كذكرى لتدخل العسكر في تقرير مصير موريتانيا وتحويلها إلى ثكنة كبيرة يتلاعب القائمون عليها بالقيم والمفاهيم والثروات .. إلخ، لكن المناسبة هذه المرة لم تكن تماما حول النظام العسكري وإن كانت غير بعيد من ذلك، فقد كانت ضد حادثة الاغتصاب الأخيرة التي قام بها أحد عناصر "مسقارو" (أمن الطرق) الجهاز الأمني سيء الصيت ضد طفلة في الثامنة من عمرها والتي تجاهلها القضاء الموريتاني العاجز.. كانت وقفة بسيطة ككل وقفاتنا ختمت بكتابة على جدار مقر القضاء، الذي لا أجد من المناسب تسميته بـ - بقصر "العدالة"-، وفي طريقنا نحو البرلمان لتسجيل موقف آخر اعترضنا مجموعة من العناصر الأمنية بملابس مدنية واقتادونا عنوة نحو مفوضية الكصر 2 أنا و الرفيق سيدي الطيب ولد المجتبى (المدون الذي نشر فضيحة جريمة الاغتصاب في مدونته التاسفرة ) وقضينا تلك الليلة الطويلة في مفوضية لكصر2 قبل أن يتم تفريقنا إلى جهات غير معلن عنها، حتى نحن لم نعلم بها حتى وصلنا إليها.. كان نصيبي المؤسف مفوضية تفرغ زينة2 والرقيب (البكاي) – سأعود لتلك القصة لاحقا-.
 تم وضعي في غرفة مظلمة وذات رائحة كريهة جدا – وأنا مصاب بضيق التنفس وصائم- وطالبت فورا بتغييرها ورفض طلبي مباشرة مع بعض الكلمات النابية من (البكاي) الذي فاجئني بأسلوبه المنحط الذي لا يعكسه عمره ولا هيئته لأول وهلة – لكني سأعرف لاحقا من يكون حقيقة- ، أصررت على تغيير المكان وجلست في الرواق الخارجي للغرفة تحت وقع الشتائم.

الرواق لا يختلف كثيرا من ناحية الرائحة عن الغرفة وصدقوني هي رائحة لا يمكن استحمالها، جلست في ذلك المكان وكان لدي جارتان ضعيفتان تعرضت إحداهما للتعذيب أيضا. على تمام الساعة الخامسة وجدتني غير قادر بعد على تحمل المزيد فخرجت "للفناء" الخارجي للمفوضية وهو عادة ما يتم توقيفي فيه وهو نفس المكان الذي كنت موقوفا فيه رفقة صديقي سيدي الطيب في مفوضية الكصر2، والأهم من ذلك أنه يتمتع بهواء أخف تلوثا من المكان الذي لم استطع تحمله..




بدأ النقيب (البكاي) بكلماته النابية كرد فعل أولي على جلوسي في ذلك المكان قبل أن يلجأ إلى خنقي بشدة كدت أفقد معها الوعي بشكل كامل، دعمه في ذلك مجموعة من عناصر الشرطة الذين تأكدوا من شد وثاقي بشكل كامل (قدماي ويداي) وسببت قيودي الضيقة أثارا على معصماي وساقاي ثم حملوني ورموني في الغرفة النتنة تلك وأغلقوا الباب، رموني في الغرفة وشتائم الرقيب(البكاي) النابية التي وصلت لأقصى ما يمكن أن تتصوروا وذلك ساعتين من وقت الفطور تقريبا، وقبل الفطور بدقائق دخل ليؤكد على مسامعي نفس الشتائم –ربما قصد التذكير بأن مخزون الشتائم لديه لا حدود له تماما كعنفه وعنف عناصره-. كان من بين تلك الشتائم أن أمثالي لا يستحقون إلا معاملة الحيوانات.. استمر تقييدي المؤلم حتى الساعة العاشرة أي قبل إجراءات إطلاق سراحي بدقائق، ساعات من الجلوس على البلاط العفن والمتسخ مشدودا بوثاق حديدي صدئ ضيق يؤلم معصماي وساقاي مع شرطي يذكرني كل لحظة كم أنا حيوان واستحق معاملة أقسى.
                      فيديو يظهر بعض آثار التعذيب الذي تعرضت له في مفوضية تفرغ زينة2


الجمعة، 3 يوليو 2015

ذكرى وفاة المفكر د. عبد الوهاب المسيري

ذكرى وفاة المفكر العظيم عبد الوهاب المسيري ، رجل التحاولات الفكرية العميقة : 



بدأ عبد الوهاب مسيرته الفكرية بالانضمام للحركة الشيوعية المصرية وكانت بداية مهمة له في طريقه الفكري الطويل، بعد فترة من الشيوعية قرر المسيري الانفصال عن الحركة وسجل مجموعة ملاحظات على الشيوعيين المصريين الذين عاصروه واصفا إياهم بالحقد الطبقي لا الوعي الطبقي ، تابع المسيري دراسته في أمريكا ونال منها الدكتورا ليبدأ بعد العودة إلى مصر ـ بعد اكتمال نضج طرحه الفكري ـ بالتأليف في عدة قضايا كان من أهمها العلمانية والصهيونية والمادية .
توفي المسيري 2 يوليو 2008 . رحمه الله

قرأت للمسيري كتابين هما "رحلتي الفكرية" و "الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان" ، واستوقفني نص طريف في كتاب "رحلتي الفكرية" ـ رغم كثرة الطرافة فيه ـ ، يقول النص أنه كان مكلفا رفقة مجموعة من الأدباء والمفكرين من بينهم توفيق الحكيم وزكي نجيب محمود بإعداد إطار نظري لنهضة حضارية لمصر وبعد أشهر من الصراعات الفكرية الكبيرة بين دعاة التغريب الشامل ودعاة التوفيق بين النهضة والتراث أعلن الحاكم العسكري أخيرا ـ وهو السادات حينها ـ أن المشروع تم إنهاؤه ، ووجه الطرافة عندي هنا هو انشغال بعض من أكبر العقول العربية حينها في وضع إطار نظري لنهضة حضارية لدولة يحكمها عسكري له من السلطة ما يجعلهم راقصي تسلية لأبناءه كما -تماما- سلطته في أن يتركهم يتابعوا التنظير والجدل الحاد في القضايا المعقدة، مما يعني كما أعتقد أنهم كانوا دائما يبدؤون من نصف الطريق محاصرين من الخلف بالدكتاتور وممحاته وسوطه ومن الأمام بتعقيد الأطروحات وتمايز الآراء والمشارب دون أمل نهائي أن ما قد يتفقون عليه لن يكون أكثر قيمة من الورق الذي طبع عليه.

السبت، 14 فبراير 2015

"عبون" الجنرال !


تعددت جولات الحوار مع الجنرال عزيز وكان العامل المشترك بينها دائما أن كل التعهدات الموقعة فيها هزيلة وجانبية التأثير ولم يتم الوفاء بأغلبها، هذا طبعا إذا تجاوزنا كونها لا تتحدث عن صلب الموضوع الذي يتغافل عنه سياسيونا بشكل متعمد غالبا وهو تدخل المؤسسة العسكرية واللوبيات القبلية في شؤون الحكم وتقريرها أهم محددات مصير البلد وثرواته وحالته السياسية والإجتماعية،
يعلل بعض المنظرين لهذه الجولة الحوارية الأخيرة التي ربما تكون السادسة أو السابعة مع دولة عزيز وربما الخامسة عشر أو تزيد في أحضان النظام العسكري، والتي لا شك ستنتهي بنفس المسخرة التي طالما انتهت بها الحوارات السابقة، يعلل هؤلاء حوارهم هذه المرة بخطورة الحالة التي تعيشها موريتانيا ، وهو من نمط الأعذار الفضفاضة التي يعرضها البعض إن لم يجد حججا محددة مقنعة لما هو مقدم عليه.
ينقل عن حال المعارضة وأطرافها كونهم داخل مؤسسة ضعيفة ومتهالكة ينظر كل طرف منها لنهاية الآخر أو للطريقة التي يطعنه بها من خلف وبالتالي فلا يمكن أن تشكل مؤسستهم هذه كتلة حرجة تمتلك أي إمكانيات حوارية قادرة على انتزاع مكاسب حقيقية من "عبون" الجنرال .


ماذا سيستفيد الجنرال ؟ !
هناك رغبة كبيرة عند الكثير من عناصر وأحزاب المعارضة اليوم في ردم الهوة السياسية التي سبق بها من "خرموا" حالة الإجماع النضالية التي كانت تميز المعارضة في عامي 2012 و 2013، وهو ما يعني حالة هبوط كبيرة في التطلعات مغذاة بالشعار العريض "موريتانيا في خطر" والذي قد يصدقه ذات يوم من وضعوه كسبب وحيد لهذا الحوار وهو الأمر الذي سيجعل التطلعات مقتصرة على بعض الكراسي النيابية، والبلديات ولأن موريتانيا في خطر فهذا سيكفيهم.
في الحالة الأخرى وهي أن المعارضة ستكون حاملة لبعض الأوراق الهامة التي ستضعها على طاولة الحوار والتي ستدفع الحالة السياسية في هذا البلد إلى الأمام وحينها سيكون حال المعارضة المفكك وعدم الاتفاق على مستوى الأزمة التي تعيشها موريتانيا بين المعارضة والنظام كفيلين بنسف كل الأوراق والتطلعات وحصول انسحابات من الحوار في الوقت الذي ستبقى الأغلبية التي تتطلع لردم الهوة مع من "خرموا" الإجماع الماضي .
في كل الحالات سيربح الجنرال كل شيء ، سيربح انتهاء حالة الأزمة السياسية والاحتقان ، سيربح الشرعية التي طالما نغصت عيشه في السنوات السبع الماضية والتي جعلته دائما خائفا من القيام بأي عمل سلطوي كبير تجاه الحريات العامة والذي تعود العسكر ممارسته على مدى العقود الماضية ،
 وما يدرينا أن يكون هذا الحوار ليس تمهيدا للعودة إلى تلك الدرجة السلطوية تحت شعاري "هيبة الدولة و الخطر الداهم على موريتانيا" ؟! ومن ينطلق من الشعار الفضفاض الأخير لا شك سيقبل الأول ،
 وسيربح الجنرال أكثر من أي شيء عبورا آمنا على كل الجثث التي تسبب في قتلها نظامه وكل المليارات التي نهبها من قوت الجياع هو وكل عصابته .

ما البديل ؟
يحاول عادة من يروجون لضرورة هذا الحوار في هذه الظروف وعلى تلك الأرضية القفز قفزة بهلوانية طريفة من خلال نفس السؤال السابق "ما البديل للحوار؟" ، وهي طريقة ماكرة للقفز على الخلاف الكبير في كون الحوار مع الجنرال هو بديل مقبول فعلا في السياق الحالي ، دعكم من ذلك .
الآن ما هو البديل العملي الذي علينا القيام به كمناضلين وطامحين لدولة مدنية عادلة لمواطنيها ؟
الجواب المتوفر عندي والذي اقتنع به تماما هو استمرار التأزيم وزيادة تأجيج نيران الرفض في كل ركن وتبني كل القضايا الحقيقية والحرجة التي نعيشها في موريتانيا وتكبر يوما بعد يوم وعلى رأسها قضايا العمال وقضية الحراطين وقضايا الزنوج والتعليم والصحة والفساد والقضايا الحقوقية الأخرى، فلنؤسس جماهيرا تتعلم الرفض بحضارية وتضحية وتسعى وتطمح لدولة العدل والمساواة،
التأزيم هو الحل الوحيد والحالة الطبيعية لأي مجتمع طبيعي يعيش حالة الظلم التي نعيشها يتنوعها وتعدد مستوياتها، واستمرار التأزيم وزيادة تأجيج نيران الرفض سيجعل النظام العسكري ذات يوم يرضخ وفي حالة ضعف للتنازل عن أكبر نقاط قوته.
إذا اردنا الخروج باستخلاص ما من التجارب السابقة الكثيرة من التعاون مع الجنرال عزيز فهو استخلاص يؤكد أن الحوار مع الجنرال لا رابح منه إلا هو وليس سوى ارتماء في حضنه لتلميع صورته وغسل صفحته ثم الإيذان له بمزيد من النهب والسلب والقتل وفي الأخير سيرمي محاوريه اليوم في النفايات كما رمى من سبقوهم ،
 ما بالكم ؟! ، أي عاقل يرى ذلك وبوضوح ! ...
آه ، ربما هناك أسباب أخرى لا علاقة لها بمصلحة موريتانيا تدفعكم بشدة إلى القفز في حضن الجنرال ...

 اذهبوا إلى النفاية بأنفسكم إذا ... 

الثلاثاء، 3 فبراير 2015

الإلهاء / أسلوب النظام المفضل



جرت العادة في هذه البلاد ان يتم استغفالها وأن يرمى ضباب التمويه على وعي جماهيرها ، أذكر في الخمس سنوات الماضية أهم ما قام به النظام من ارباك للجماهير :
1 ـ محاكمات بعض رجال الأعمال بتهمة الفساد ، وترك الكثير لكي يقال ان اعترضت على الكيل بمقياسين أنك ضد محاربة الفساد
2 محرقة الكتب المالكية/أيام مسيرات الرحيل (رافقتها حملة اعلامية لثلاث أسابيع) ، كي يقال ان نبهت إلى القضايا المعيشية والسياسية أن هذا وقت نصرة الدين !...
3 ظاهرة الإلحاد/ أيام اعتصام عمال تازيازت ، كي يهتم الجميع بتبادل الاتهامات والشتائم ويعيشوا في حروب وهمية ويستريح النظام لأشهر
4 لقاء الشباب ، شيء سخيف واستخفاف بالعقول وشغل الجميع في حين أن القضية الحقيقية للشباب يجب أن تكون التخلص من نفس النظام الراعي لهذه المهزلة
5 اعتقال بيرام ورفاقه والتسخين الهائل العنصري حول الموضوع واستمرار التجييش العرقي لكي يقف الجماهير صفين متناحرين ويستمر السلطان في النهب.
والكثير من محاولات الإلهاء والتمويه جرت واستمرت دائما في اداء أهدافها بدقة كبيرة ، فلا معترض على سوء حالة النقل التي أدت بآلاف العمال في وسط العاصمة المشي 3 كيلمترات الى ملتقى طرق مدريد للحصول على وسيلة نقل ، ولا زيادة الأسعار الغذائية أثرت أو ابرزت أصواتا غاضبة أو رافضة ، وأخيرا لم تشكل زيادة التعريفة على بطاقة التعريف صدمة كبيرة في الجماهير،

وكما يقول صديق لي أن الجماهير منقسمة بين طابورين (طابور دكاكين ألم أو طابور إدارات الوثائق المؤمنة) فإذا وجدت فراغا قليلا من الوقت للتفكير في شبه الحياة التي يعيشونها بسبب الظلم أختطفهم وسائل التمويه إلى اهتمامات ثانوية وبعيدة كل البعد مما يعانونه في يومهم وغدهم .


طبعا لا يبخل النظام جهدا في استخدام الفرص المجانية كفرصة شارلي ايبدو، لقد صفق الجماهير يومها بحرارة للجنرال حين أعلن أنه مسلم، وربما فرصة الطيار الأردني اليوم الذي لا شك سيحسد عليه ملك الأردن الذي ستزداد شعبيته بسبب الأخطاء المنطقية المطبوعة بالعاطفة من جماهيرنا .

الاثنين، 19 يناير 2015

مظاهرة ضد مهزلة محاكمة بيرام

شهد وسط العاصمة  - تحديدا شارع جمال عبد الناصر بمحاذاة مقر الإذاعة - اليوم الاثنين 19/يناير/2015 يوما ساخنا من المواجهة بين متظاهرين مناهضين لمحاكمة روصو الهزلية التي حكمت على بيرام ولد الداه اعبيدي بالسجن سنتين بتهمة المشاركة في مظاهرة غير مرخصة ،


 وهي التهمة الغريبة التي لا تنطلي على أحد وهذه بعض الأدلة على هزليتها :
1ـ تم إطلاق بيرام في وقت سابق بعد أن قام بمحرقة للكتب المالكية ونال كامل حريته .
2ـ سمح لبيرام بالترشح للرئاسيات ونال تزكية مستشارين كان من بينهم إن لم يكن معظمهم مستشارين من الحزب التابع للجنرال محمد ولد عبد العزيز، وزكاه المجلس الدستوري ـ التابع أيضا للجنرال ـ 
3 ـ نال بيرام المرتبة الثانية في المهزلة الانتخابية وفاز الجنرال بها في الشوط الأول ، وتنفس الجنرال الصعداء ،  فرغم مقاطعة المعارضة للانتخابات الرئاسية لم تكن مشاركة بيرام بالأمر السهل فقد فاز قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية بجائزة حقوق الإنسان التي تقدمها الأمم المتحدة .
ذات يوم خرج الناشط الحقوقي والمرشح للانتخابات الرئاسية التي لم يمضي عليها نصف عام ــ بعد كل تلك المراحل من شبه التعاون مع الجنرال ــ  إلى مظاهرة مرخصة تنظمها جهة أخرى وقد أتى تلبية لدعوة موجهة إليه من قبل منظمي المظاهرة/المرخصة، تم اعتقاله في الطريق ....  – هكذا بكل بساطة- وتم تكييف تهمة المساس بالأمن والمشاركة في مظاهرات غير مرخصة وتم إلقاءه في السجن وتمت فصول محاكمة هزلية سريعة انتهت بالحكم عليه بسنتين سجن .



نعود لمجريات اليوم الإثنين 19 يناير ، قامت الشرطة بمفاجأة المتظاهرين السلميين بوابل من القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي فأصيب الناشط الحقوقي وأحد مؤسسي حركة الحر ورئيس حركة نجدة العبيد بوبكر ولد مسعود في رجله ،


كما حصلت عدة إصابات في صفوف الشباب الذين لا ذنب لهم سوى وقوفهم في وجه المهزلة القضائية التي حصلت في روصو ،



 الظاهرة الأخطر والمتكررة دائما وعلى نطاق واسع في كل المظاهرات هي ظاهرة التعذيب فقد اختطفت قوات الشرطة عشرات من المتظاهرين ونقلتهم إلى شارع المقاومة (خارج المدينة ـ تقريبا ـ )  ومارست عليهم هناك أنواع التنكيل في حادثة لا تخلوا من الرمزية إذا عرفنا أن لهذا الشارع اسمين، اسم رسمي (شارع المقاومة) وكان ميدانا لتعذيب المقاومين ، والإسم الشعبي (شارع عزيز) الذي يحول موريتانيا كلها إلى ميدان تعذيب كبير . 

الخميس، 15 يناير 2015

5 أدلة على أنه فيلم موريتاني وليس هندي



1 ـ  ما فيه فيلم هندي تجي الشرطة في الوقت ، دائما تجي بعد نهاية كل شيء .. شرطة الفيلم الموريتاني(1) كفاءة وعملية منقطعة جات فالوقت المناسب ..

2 ـ البطلة في الفيلم الهندي منين تعود مختطفة ما تدايك تنتظر قدوم البطل، بطلة الفيلم الموريتاني كفاءة يويشها ، فاقت من الإغماء ورصفت وتلات تدايك

3 ـ المجرم في الفيلم الهندي لا يتفادى الزحمة لأنها ليست موجودة في طريقه ـ يمشي في الطرق الخاوية ـ ، والمجرم في الفيلم الموريتاني كفؤ ، تحدى كل كثافة السيارات وقام بعملية اختطافه في وضح النهار .

4 ـ المجرم في الفيلم الهندي يكون محاطا بالكثير من المجرمين ، المجرم في الفيلم الموريتاني قام بعملية الاختطاف لوحده وهو يسوق قام بالأشياء التالية : (تأمين أبواب السيارة ـ دار سيكريتي ـ ، قام بتخدير الفتاة )

5 ـ أب البطلة في الفيلم الهندي دائما مجرم وهو مشكلتها الحقيقية ويتم قتله في مشهد دموي في نهاية الفيلم ، أب البطلة(2) الموريتاني أقرب إلى شخصية يطلق عليها هواة مشاهدة الأفلام الهندية في محلات الفيديو الشهيرة بـ (فيديوه) "آلبيللا"

الهامش : 
1 : رابط فيديو الفيلم الموريتاني المتهم "باغتصاب" اساليب السينما الهندية 

وهذا فيلم العسكري المعروف بالنويجي الذي لفق لنفسه تهمة اصابة الجنرال بطلقة نارية : 


2 :  أب البطلة اخبارو من ايجي ما تجي أمها اياك يعود ذا معقول اشوي . ؟!