الأربعاء، 10 أغسطس 2011

ساعة عبد الله 3


إنه الغوث الشاب الخجول الذي كان يعمل على عربة مياه دون أن يتكلم ، لايتكلم ابدا يخاطب من يقابله بابتسامة وصوت خجول منخفض من النوع الذي لاتسمعه لكنك تحسه ، إنه يعمل ثم يعمل ثم يعمل فقط .

هو الطائر الكبير الآن في عش مباركة بعد رحيل الأب لكنه يستعد هو الآخر للرحيل ،

عاد إلى البيت بعد ذات يوم عمل منهك ـ كالعادة ـ لكنه تكلم بآهة مسموعة هذه المرة وأعاد التعليق بشكل واضح " انا متعب ، احس بدوار شديد ، " أستلقى على حصيرة البلاستيك تحت دهشة مباركة التي كانت تصلي وتستجدي أن لاتكون لعنة الاسهال قد حلت عليه ، لم يرد بعد تقليبه ، لم يفق إلا داخل المستشفى إنه يرحل هذه المرة بعد صرف دخل العائلة لأسبوع أخذ سلفة مجمعة من الجيران ، من أجل اجرة النقل ووصفة دواء وسرير معزول ، الأطباء يرفضون الإقتراب منه لأنهم في فترة إنتشار " الإيبولا " ويظنون كل شخص يرد هذه الأيام مصاب بذالك الفيروس اللعين الذي يجعلك مخيفا وتنزف حتى الموت ، الغوث كان فعلا ينزف .

بعد ساعتين من وصوله للمستشفى في غيبوبة أحس بهمس ثقيل على مسامعه كصوت شريط يعرض بطريقة بطيئة لكنه ميز شيئا ما " فقر دم ،،،،،،،،، منذ زمن ليس بالقريب ،،،، لله يجيب العواقب سليمة " ، عاد إلى هدءته .

كل أهل الحي يعرفون ماذا يعني الغوث للأسرة ، بل نايعنيه للجميع فهو الذي يحلب معزاة خيته ، وهو الذي يحاول تلطيف الأجواء بين السالم وعبد الله ، وهو الذي يكابد كل يوم الما صامتا يزداد كل مازاد إصراره على كتمه .

افاق قليلا على كلمات " الحقنة ،،، العشاء ،،،،، هل نام الأطفال ،،،، الطبيب ،،،، ربما غدا " تذكر أول سقوط من التعب منذ سنتين ، حين أحس بما يشبه ضربة شمس فقد الوعي بعدها لدقائق ، تلتها بعض السقطات التي لم يكترث لها ، لكن أسوءها كان يوم سقط من العربة وحين أفاق استمر في البحث عنها لساعات ، ضحك كثيرا وكتم القصة ، افاق قليلا على كلمات " إفتحي الدكان ،،،، أتركي الأطفال عند خيته ،،،،، " ، تنبهت أمباركة لبرودة في رجليه تذكرها برجلي شخص ما في ظرزف مماثلة ، صاحت فجأة في فقدان صارخ لهيبتها العتيقة والصادقة كجارة فاضلة لم ترفع صوتها يوما في وجه أحد ، لكن لاشك أنهم يتفهون .

الجمعة، 5 أغسطس 2011

الديكاتوتورية في حفل تنكري

الديكتاتورية الآن ترقص في حفل تنكري ،، لمن لم يعرفها فهي ترتدي رداءا يجمع الديمقراطية والرأسمالية والإشتراكية ، تتحدث دائما عن أجواء الحرية التي يعشها الجميع ،

فحين تحدث زميلك في الباص عن رمي إبنك خارج المستشفى بسبب عدم دفع المستحقات فأنت حر في بلد الحرية ،

وحين يتحدث بعض النواب في قاعة مغلقة لـ4 ساعات دون أن يغير ذالك في شئ فأنت في بلد ديمقراطي ،

وحين تبيع الحكومة وسط العاصمة بكامله لرجال الأعمال ـ الموالين ـ فهي رأسمالية ـ ،

وحين تصم الآذان بالحديث عن الطبقات المحرومة وكيف قامت بالمشاريع ـ والمشاريع هنا أيضا في حفل تنكري ـ من أجل تحسين واقعها فهي إشتراكية ،

أنا مقتنع أن الكثير سيميزها فكل ماقامت به من تغيير لايبدو لائقا عليها كثيرا رغم أن لها خبرة في التخفي ،، لكن إن كنت لم تميزها فخذ بعض الأفكار التي قد تفيدك في تمييزها ، :


1 ـ تتحدث الدكتاتورية بفطرتها النرجسية عن الرئيس ،، الذي كان قائدا للمسيرة في الحفلة الماضية ، وفي الحفلة التي سبقتها كان بإسم الزعيم ، لذالك توقع 15 خبرا رئيسيا في نشرة الأخبار في وسائل الإعلام الرسمية عن الرئيس وما فعله الرئيس وماسيفعله الرئيس وما قد يفعله الرئيس وما فُعٍل من أجل الرئيس وماسيفعل من أجل الرئيس ، وما دشن الرئيس وما دُشِن في زمن الرئيس وما سيدشن أو قد يدشن في تحت رعاية الرئيس ، هذا في الحالة العادية ، اما في حالة الزيارات الرئاسية فويل لك من نشرات الأخبار إن كنت تكره الإطناب .


2 ـ كل من يعارض الرئيس فهو مفسد ومدعوم من جهات خارجية لكي يلعب بمصالح الشعب التي لن تتحقق إلا في ظل قيادته ،


3 ـ كل من يتظاهر فهو مجموعة من المرتزقة الذين لاهم لهم سوى إثارة البلبلة والمشاكل وسيتعامل الأمن معهم بقسوة شديدة لأن هذا مايستحقون ،


4 ـ إن كنت لا تؤمن بالعمل السياسي فأنت مدعو للإستفادة من الجو الديمقراطي الجميل وستهدى لك أغنية "الحياة حلوة بس نفهمها " وحين لاتفهم مايعنيه فهم الحياة ، وتنخرط في الإتجاه الذي ينم عن عدم الفهم فأنت تحت طائلة البند الثاني .