السبت، 1 سبتمبر 2018

نتائج وتوقعات

- طبعا النتيجة مبدئيا محسومة (باغلبية كبيرة) للاتحاد من أجل الجمهورية ، وسيحقق الجنرال أغلبية مريحة بتحالفاته مع فسيفساء الأحزاب التي تبرأ منها في الحملة ،

- طبعا لن تسير العملية بأقل القليل من الشفافية ، ستكون كما قال المصريون عن انتخابات مصر 2010 "تزويرا تشوبه عمليات انتخابية"

- طبعا سيقتنع الكثير من المراهقين السياسيين أن موريتانيا ليست سويسرا وليست حتى موريتانيا 2003 ، ورغم ذلك الصحو المفاجئ (سربرااااااايز) سيستخدمها بعضهم ممن سينبطحون في تصفيقاتهم القادمة ، اما البعض الآخر فسيتلمس طريقا في احد الاحزاب المعارضة او طريقا الى العدمية .

- طبعا ستقف المعارضة فاقدة للحيلة فيما تفعل امام الهزيمة الوقحة التي تعيد الى الاذهان هزائم 1992 و 2003 و 2009 ، وإذ أن المعارضة لم تبلور او تعمل يوما على بلورة عمل جماهري ذي طابع نضالي صدامي ومقاوم، طبعا لا اعتبر محاولات 2012 الى 2017 محاولات جادة في بلورة عمل جماهيري صدامي، فتلك المحاولات تنقصها عدة عوامل اهمها وضوح الرؤية والخطاب السياسي الذي يزرع التحدي وثقافة الصدام "السلمي" واستغلال مقدرات قوة الفعل لدى الجماهير .

- طبعا ستسوء حالة الجنرال النفسية وهو يتاكد ان المواطنين ليسوا مع مشاريع دستوره ولا مع نوابه ولا مع سياسياساته وأن تحقيق الاستمرار في السلطة يحتاج استمرار مسلسل "الانقلابات الانتخابية" وهو مسلسل ثقيل وكئيب وينذر في كل مرة باستمرار الاحتقان الشعبي ويجعله يقترب من الوضع الذي كان سببا في أن يقوم (حين كان عسكريا مغمورا) بانقلاب عسكري على معاوية.

- طبعا سيحصل انقلاب آخر (لاحظ اني لم احدد وقتا للانقلاب)، خصوصا اذا ما لاحظنا انسداد الافق واستجداء عدة شخصيات اقتصادية وسياسية واعلامية للعسكر بالتدخل في ظل استمرار الاحتقان السياسي وانسداد الافق وغياب بدائل نضالية مدنية ، سيحصل انقلاب .

- طبعا بعد الانقلاب سيسير قادة الاتحاد من اجل الجمهورية وعلى رأسهم ولد محم في مسيرات تاييد للحركة التصحيحية  الجديدة .

محمد ولد عبدو
1 سبتمبر 2018

الأربعاء، 8 مارس 2017

المرأة في موريتانيا

هذه التدوينة هي مشاركة في حملة تدوينية موريتانية حول وضع المرأة في موريتانيا

                                   
مكانة المرأة في الثقافة البيظانية هي مكانة معقدة فهي "عمايم الأجواد ونعايل لكلاب" وفي نفس الوقت "تعدل النيثي ألي اطم من خلاكتها : تبط خوها سقير" ويبدو هذا التناقض الطريف في اعتبار المرأة ما بين رمزية العمامة وكارثة الوجود ،وإن اختلفت تلك الاعتبارات من مجتمع إلى مجتمع، بوجود ذلك الميثاق الضمني بينها مع المجتمع يقضي بأنها ستكون من عمائم الأجواد حين تتماها مع الأنساق الستاتيكية للمجتمع وتستمر في إعادة تدويرها ويكون وجودها بين الأحياء مصيبة مساوية لمصيبة أذية أخيها الصغير حين تخرج على النسق ولو قليلا ، نفس الميثاق الضمني – تقول الدكتورة مريم باب أحمد- هو الذي يخلق سعة في مساحة التصرف في المرأة المشاهد اليوم (الدراسة في الخارج والعمل في بعض المراكز العليا ) في مقابل الحفاظ منها على الأنساق الستاتيكية سابقة الذكر.


الدكتورة مريم منت بابه أحمد


موضوعي هذا هو عبارة عن خلاصات (بتصرف) مقابلتين أجريتهما مع كل من الناشطة الحقوقية آمنة منت المختار، المرشحة لنوبل للسلام، والباحثة الاجتماعية والانتربولوجية الدكتورة مريم منت باب أحمد .

من الصعب الحديث عن المرأة الموريتانية بشكل مجمل فهي بنت الكثير من الاعتبارات الاجتماعية المتباينة التي تختلف من عنصر إلى عنصر ومن ثقافة إلى ثقافة ومن حيز إقليمي إلى حيز آخر ، تطبق الملاحظة السابقة في بلد مازال الحاكم الأكبر فيه هو العرف وهو مناص حل أكثر الاشكالات الموجودة في ظل ضعف القانون (خصوصا فيما يتعلق بحماية حقوق المرأة) وضعف تطبيقاته وإحالة أغلب المواضيع المتعلقة فيه بالمرأة إلى التأويل الذي يكون نابعا - في العادة - من خلفيات المؤول الثقافية والاجتماعية وتجاربه الشخصية مما يضع الكثير من الحقوق الخطيرة على محك نسبية كبيرة في الأحكام والاعتبارات ، لذلك أفترض أن أي حديث عن المرأة الموريتانية يجب أن يوزعها مبدئيا إلى المكونات الاجتماعية الثلاث الكبيرة (البيظان والحراطين والزنوج – رغم التباين الكبير داخل كل المكونات والمكونة الأخيرة خصوصا - ) .


الناشطة الحقوقية آمنة منت المختار


المرأة الحرطانية : هي وريثة لصفة الرق السابق وكل ما مازال يحمله من اعتبارات ثقافية واجتماعية وحقوقية .




 ترى الدكتورة مريم منت بابه أحمد أن الطبيعة الاجتماعية التي تحدد مسار حرطانية الريف تجعلها آخر من يخرج من الأرياف ، فشباب الحراطين ينتقلون للمدن بحثا عن العمل وتبقى الفتيات في الريف لفترة أطول حيث مكان التغطية الاعتبارية لمكانتها الاجتماعية (مسترقة سابقة) حاضر بشكل كبير وملازم لها فتمارس الأعمال الهامشية كالخدمات المنزلية ويظل ملازما للخطاب الذي يتم التعامل به معها في المزح أوالجد مكانتها الاجتماعية في أسفل الترتيب الاجتماعي .
تضيف الدكتورة أن مشكلة التعليم أيضا تعتبر أكبر المشاكل حضورا بالنسبة للمرأة الحرطانية فقد يوجد الحرطانيات في مراحل الدراسة الأولى لكنهم مع التقدم يتناقصون بشكل ملحوظ إلى أن يصلن للحضور الضئيل في المراحل العليا من التدريس .
وتؤكد رئيسة منظمة رابطة النساء معيلات الأسر والمرشحة لنوبل للسلام السيدة آمنة منت المختار أن أكثر جرائم الاغتصاب والعنف الجسدي التي رصدتها منظمتها كانت الضحايا حرطانيات ، كذلك تشهد نسبة وفيات الأمهات عند الولادة رقما كبيرا بالنسبة للحرطانيات مقارنة ببقية النساء الموريتانيات .

المرأة الزنجية :  تعاني المرأة الزنجية في المجتمعات الريفية من الاستغلال الذي يصل أحيانا مرحلة السخرة ( العمل في الحقل والبيت والرعي في نفس الوقت دون أي عائد مادي عليها) وتعاني من الضرب المشرع ثقافيا (فالتي يضربها زوجها في بعض الثقافات الزنجية يعني أنه يحبها أكثر) كما تنتشر حالات تعدد الزواج والمشرعة أيضا بشكل شائع في الثقافة ويفرض على المرأة الزنجية (في الريف خصوصا) التعامل معه كحال واقع طبيعي .




ترى الدكتورة مريم أن المسارات التي تخوضها المرأة الزنجية الناجحة في موريتانيا هي مسارات منطقية و"ذات معنى" وتكون عادة ناتجة عن كفاح شخصي عاشت أغلب محطاته بمجهودها الخاص على عكس المرأة البيظانية (العربية/البربرية) التي سأوضح في الفقرة التالية الطريقة التي تختلف فيها عن الزنجية في هذا السياق بالتحديد – برأي الدكتورة-

المرأة البيظانية : أبدأ من حيث انتهيت في الفقرة الماضية وتحديدا مع فكرة المسارات المنطقية للنجاح . إن انتشار ظاهرة تمدرس الفتيات البيظانيات في الخارج وتمكن بعضهن من الولوج إلى الحياة العامة في الغالب – حسب الدكتورة مريم –  داخل في الاتفاق الضمني الناص على بقاء جوهر النظرة التقليدية العامة حول المرأة البيظانية داخل المجتمع على ما هي عليه، فتندر العصامية في النساء البيظانيات رغم وجود بعض الأمثلة الاستثنائية .. 






الدكتورة مريم لا ترى أن كل هذا الحضور للمرأة البيظانية في التعليم والتوظيف يعد بتغيير الاعتبارات الجوهرية للمرأة في المنظومة الاجتماعية وإنما هو جزء من إعادة تدويرها بطرق أخرى مما يجعل تغير المعنى والجوهر غائبان في هذه التغيرات ، ولا تغفل الاستثناءات الموجودة .


وفي جانب المعاناة ترزح المرأة البيظانية ضمن الكثير من القوالب العرفية والعادات الغير عادلة التي تكبل حقوقها ، ومن تلك القوالب العرفية الغير عادلة أساليب التعامل مع الطلاق وثني المطلقة من المطالبة بحقوقها  (رغم وجود مدونة أحوال شخصية) لذلك في الغالب ما ينسلخ الزوج من واجباته مستفيدا من تلك القوالب العرفية التي يفرض فيها ذوو المطلقة عليها عدم المطالبة بحقوقها ( لا داعي للفضائح.. الخ) وحينها يقع على المطلقة عبء التربية والرعاية والنفقة ، وهنا تحمل الناشطة الحقوقية آمنة منت المختار الجهات المعنية المسئولية في ضعف التغطية ونقص الصرامة في حل الاشكالات من هذا النوع .

كما لازالت توجد جيوب لعمليات التسمين والختان داخل أوساط متفرقة من المجتمعات الموريتانية الختلفة .


المرأة الموريتانية : تصنف منت المختار من مكانها كحقوقية أهم المشاكل التي تقاسيها المرأة الموريتانية بشكل عام :
-         المشاكل الاقتصادية :
·      الملكية الغير محددة بشكل واضح في القانون ويدخل في ذلك التركة (الميراث) ملكية الأراضي .
·      حرمانها من القروض الكبيرة أو المشاركة في صياغة السياسات الاقتصادية
·      مخلفات الطلاق من أعباء الإعالة وتكاليفها الملقاة على عاتقها بسبب الأعراف والتقاليد  

-         الاعتداءات الجسدية والجنسية :
·      الاغتصاب والذي تعزوه الدكتورة مريم إلى منظومة معقدة من الأسباب وليس الانفلات الأمني سببها الوحيد رغم كونه سببا مهما ، بل أيضا - حسب الدكتورة - يتضمن التفكك الأسري وغياب الرقابة والتربية البيتية المتكاملة وفوضوية تطبيق القانون وكونها غير رادعة لو طبقت  ثم نظام الصلح الذي كان هو الفيصل فيما يقارب من 60% من حالات الاغتصاب التي تصل المحاكم الموريتانية ، ويرجع وجود نظام الصلح بشكل كبير بسبب التكاليف المالية والنفسية الباهظة في متابعة قضايا الاغتصاب من قبل ذوي الضحايا  والبيروقراطية الفوضوية في المحاكم والتحقيقات التي تجري ضمن الكثير من الحالات في نسق اتهام الضحية (ماذا كنت تلبسين ؟! ، مالذي جعلك تتأخرين ؟! ، لماذا تخرجين ؟! ، هل تعرفين الجاني ؟! ... إلخ )
·      ويشهد العنف المنزلي ضد النساء والفتيات انتشارا مضطردا إن بسبب وجوده في بعض الثقافات الموريتانية تقليديا أو دخوله بشكل متزايد في ثقافات أخرى لم يكن موجودا فيها .
·      التحرش الجنسي : ترجع الناشطة منت المختار أحد أسباب التسرب المدرسي إلى انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في المدارس من قبل الاساتذة ، كما تؤكد وجود مستويات أخرى من التحرش في المكاتب ومقار العمل .
·      الزواج المبكر ، الذي تربطه منت المختار بعدة عوامل منها انفلات الأمن (التخلص من البنت قبل أن تأتي بفضيحة اثر اغتصاب ) أو الفقر والجهل .
وفي ظل غياب العدالة أو شللها الكبير في التعامل مع قضايا المرأة تعاني أيضا المرأة المهاجرة (الغير موريتانية ) أحيانا من اعتداءات جسدية أو نفسية كان من بينها الاعتداء الشهير على المواطنة السينغالية من قبل قوات (أمن الطرق) ثم حالات اتهام كثيرة بالسرقة من المشغلين والتي لا تنال قسطها من التحقيق الكافي وإنما يحكم فيها بالأهواء مهما كانت حقيقة  الاتهام .


في هذا الجو الضارب في التعقيد والخلط بين ما هو جوهري وما هو مظهري ، بين ما هو حق وما هو منحة، يستمر فلك هذا المجتمع مترنحا باتجاه مصير ما، قد يحدد هذا ويسوقه في الاتجاه الأمثل إيجاد مكانة أصيلة وعادلة لنسبة أكثر من 80% في المجتمع  (حراطين وزنوج ونساء) ومن هؤلاء جميعا تشكل نسبة النساء في موريتانيا تقريبا 53% .

السبت، 13 أغسطس 2016

إلى أين يتجه الجميع ؟


لست مراقبا عن قرب تفصيلي كل ما يحصل في العالم العربي من تطورات ثورية لكني -تقريبا- أحظى برؤية للصورة الخارجية المجملة بوضوح يمكنني من التمييز، أنها ليست في مجملها جيدة ومن التسرع الحكم عليها بالسيئة رغم ما يبدو من قتامة الصورة ، و أفترض أو أكاد أجزم أن هناك جملة من "الإِنَات" (جمع إِنْ ..) هي التي تحدد مسار ومستقبل العالم العربي .. وسأورد بعض "الإنات" التي أظنها ترجح مستقبلا جيدا للثورة العربية.
·       إن كانت الثورات العربية التي قامت ورفعت شعارا يمكن اختصاره في الشعار المصري الشهير (عيش ، حرية ، عدالة اجتماعية) وهو شعار مفارق لأي منطق تحزبي أو طائفي أو عرقي ، إن كانت هذه الثورات التي قامت أو التي في طريق القيام ستحتفظ بهذا الشعار وتقربه وتقاربه ستضمن سقفا مرجعيا واضحا يجعل الإنسان بشكل عام معنيا بقضية هذه الثورة ... إنّ أهمية  السقف المرجعي البسيط الغير معادي لطائفة أو عرق أو قبيلة هو التقليل من احتمال حصول نزاع بيني على أساس طائفي أو عرقي...
·       إن كانت الثورات العربية التي بدأت باعتماد وسيلة السلمية قادرة على العودة إلى تلك الوسيلة بطريقة أو بأخرى أو التخفيف من نفوذ المجموعات المسلحة في حال ما كان العنف الثوري لازما (المثال السوري) ... :
من المخيف بشكل مريع كون سوريا تحولت إلى بنك ضخم للمجموعات المسلحة التي تنادت من كل مكان لفرض اجنداتها ولعل أغلبها لا يعي تماما منطقية ما يريد للذات وللآخر ، وأكاد أجزم – وهو ما تجاوزته الأحداث فيما بعد – أن ثورة سوريا لو استمرت على نهجها السلمية لما مات منها ما مات حتى اليوم ، وكي لا أكون موغلا في التبسيط – دون أن أدعي كبير قدرة تحليلية - فلا شك عندي أن هناك عوامل عدة لكل هذا الشحن المسلح والعنيف في سوريا وليس فقط تحول الثورة السورية إلى المسار المسلح والعنيف .. لعل من بين تلك العوامل تفكك المعارضة والغياب الكبير للوعي السياسي في المجتمعات العربية عموما وفي المجتمع السوري الذي – عن طريق ثورته - يحاول العودة من نفق الخمسين عاما من الاستبداد ، ولكن تحول الثورة إلى ثورة مسلحة فتح الباب كاملا على مصراعيه لكل هذه التشكيلات المسلحة المتضاربة في التوجه والهدف .
·       إن وجدت شخصيات فكرية (مفكرين وفلاسفة) واعية بضرورة لعب أدوار المثقف العضوي وقادرة على مواكبة وفهم وإفهام التحولات الكبرى والخطيرة التي تشهدها المجتمعات والمنطقة العربية ...
·       إن انطلقت الثورات من الأسس والقيم الانسانية في تبيين أهمية وأولوية الانسان حيث هو في تصوراتها بغض النظر عن دينه أو عرقه أو طائفته ، وأن القطيعة التي سترسمها هي مع الاستبداد وحكم الطوائف والعساكر (المماليك)
·       إن ميزت هذه الثورات بين حلفائها الحقيقيين (حلفاء مبادئها) والحلفاء المرحليين والحلفاء المستحيلين . لا يمكن الاقتناع بجدية داعمين مستبدين لثورات ضد الاستبداد إلا إن كان لهؤلاء الداعين دوافع أخرى ستكون بعيدة عن مساعدة شعوب في نيل حريتها الأمر الذي سيكون مشجعا لشعوب هذه الاستبداديات في المطالبة بالمطالب نفسها ، غالبا ما تتدخل هذه الاستبداديات لحرف مسار الثورة إلى مسارات لها علاقة بالحالة الدينية أو العرقية أو الطائفية (المثال السوري) ، والأمر ينطبق على العالم ودوافعه وفلسفاته .
أكاد أجزم أن الوعي السياسي ووضوح الرؤية ضروريان لأي ثورة قد تحظى "بالإنات" السابقة وأجزم أن للثورة أساليب ليست في السياسة اليومية المعاشة، فتركيز البارغماتية السياسية في المقادير الثورية يكاد يكون صفرا وذلك عائد لسبب بسيط أن للثورة – دائما - أعداء دائمون خصوصا ألئك الذين يتساقطون لالتقاط الثمرات التي تتساقط من النظام وهو برأيي بداية صناعة مساحة لما يسمى بالثورة المضادة .

أشعر بالخوف حين أفكر في صعوبة أن تكون هناك نخب فكرية عربية تفهم فعلا – بالتفصيل – ما يحصل من تحولات كبرى وقادرة على مواكبتها وفي ظل ذلك الخوف أفتح دائما ذلك السؤال ، إلى أين يتجه الجميع ؟!....

الأربعاء، 3 أغسطس 2016

الشيخ باي مسجون في زنزانة تحت المراقبة الدائمة.




كان الشيخ باي في مزاج جيد حين استقبلني وبيننا شباك حديد ضيق لا يمكنه من خلاله إخراج أصابع يده حين زرته في سجن آلاك سيء الصيت ككل سجون النظام العسكري ، تبادلنا بعض الأحاديث وسألني أكثر من مرة عن الشباب الذين اعتقلوا على خلفية الاحتجاج على الحكم الظالم الذي صدر بحقه ، ورغم مزاجه الجيد الذي تمنيت أن يكون انعكاس لحالته التي يعيشها في السجن تأكد لي العكس تماما مع مزيد من الحديث ، الذي رغم ما أخبرني به من معاملة سيئة ظل في مزاجه الجيد كأنه غير مبال بما يفعلون فيه .. فيما يلي سأحاول نقل بعض ما يعانيه الشيخ باي في زنزانته حتى يوم زيارتي له مما نقله لي (الوقت كان ضيقا) :
تم نقل الشيخ باي في وقت متأخر من مساء يوم الحكم (14 يوليو 2016) الساعة الحادية عشر تقريبا دون علم من هيئة دفاعه ولا عائلته إلى سجن ألاك ووصله ساعات الفجر الأولى من اليوم الموالي.
·      أدخل الشيخ باي إلى زنزانة انفرادية من يوم  وصوله وقد تم إعداد الزنزانة لتكون مزعجة بالدرجة الكافية فهي إضافة لكونها انفرادية وضعت فيها كاميرا مراقبة تشعره بالتضايق الذي يؤديه الشعور بانعدام الخصوصية.
·      يحظر على الشيخ باي الاختلاط مع أي من السجناء الآخرين حيث يبقى تحت رقابة حرسي ملازم طوال وقت وجوده خارج الزنزانة ، فهو إذا لا يجد أي فرصة للتواصل مع البشر إلا في حالة الزيارات والتي لا تزيد عن نصف ساعة.

·      أثناء دخولي على الشيخ باي كنت أحمل معي كتبا وبعض الدراسات والمقالات المطبوعة ، كانت الدراسات عن النشاط الحقوقي بأساليب لا عنيفة وهو ربما (كما يبدو ) سبب كافي لأن تكون كتابات "محرضة" حسب لفظ الضابط الحرسي ، تم رفض الدراسات من الدخول إلى الشيخ باي ..

الاثنين، 4 أبريل 2016

العنصرية ماتلات خالكة، وأمربيه راجل معلوم



حين نتحدث عن شيخ مسن قضى 60 عاما في خدمة وطنه يمنع من جواز سفر (مهما كانت التفاصيل!!) فنحن أمام عناوين عريضة :
أولهما العنصرية :
إن الكثير من المواطنين يرفضون أن تكون في موريتانيا عنصرية رسمية من أي نوع فهم يحددون فهمهم للعنصرية انطلاقا مما يسمعون عن العنصرية الأمريكية القديمة أو عن عنصرية الآبارتايد في جنوب افريقا ، هنا يختفي أحدهم وراء تلك الشعارات التي تؤكد أن موريتانيا لا تحكم بالعنصرية لأن الجميع يركبون نفس الباصات (الباصات الي ماتلات خالكة) ، أو لأن الجميع يدرسون في نفس المدارس (رغم أن المدارس أيضا ماتلات خالكة) .
والذين يحتكمون لهذه الحجج لا يكونون –عادة- مستعدين للدفاع عنها حتى النهاية وإنما اعتمدوها انطلاقا من فهم آخر شبيه بضعف الأدلة نفسها، هذا الفهم هو أن أي حديث عن العنصرية الرسمية أو أي حديث عن حقوق الأقليات يعني جر البلاد إلى صراع بيني أو داخلي أو فتنة.
حسب فهمي أن الدفاع عن عنصرية النظام أو أي نوع من أنواع التمييز في موريتانيا ومحاولة التكتم عليها وإلحاق اثارتها بالفتنة هو الفتنة عينها.
إن المظلوم قد لا يصنف الناس أعداء أو ظالمين حتى لو لم يقفوا معه ويناصروه ولكنه لن يتوانى في اعتبار كل الذين ينكرون المظلمة الواقعة عليه كأعداء، فإن كان بعض المواطنين يصيغون حججا غير منطقية لينكروا العنصرية أو التمييز اللذين يطبعان النظام العسكري الموريتاني، فإن من تمارس عليهم تلك العنصرية أو ذلك التمييز أكثر صياغة لحجج أخرى أقل منطقية وأكثر عدائية لأنهم هم أنفسهم من يعانون مرارة ذلك الظلم.... وإن أكثر مخاوفي قوة هو أن يحرك مجتمعنا تلك الحجج الغير منطقية مهما كان نوعها.
  
* إن العنصرية والتمييز بكل أنواعهما وأصناف الظلم الأخرى (التي وزعت بعدالة على كل المواطنين) كل ذلك موجود في الادارة وكل مؤسسات الدولة (المحكومة بالنظام العسكري) وموجود أيضا في الحياة العامة.
* إن الطريق إلى البلد العادل الخالي من العنصرية والإقصاء المغمور بالألفة والإخاء والرفاهية هي الطريق الأفضل لنا جميعا وحتما ستمر من الاعتراف بما يحصل اليوم من أنواع الظلم سواء التي يستوي فيها كل المواطنين (الفساد والمحسوبية) أو التي يختص بها بعض المواطنين دون غيرهم (العنصرية أو التمييز) وأن يكون دون غضاضة، أن يكون اعترافا مدفوعا بالحس الانساني والوطني منطلقه رفض كل أنواع الظلم والحيف والتمييز والعنصرية.
إن أحد أهم عوامل اللحمة الاجتماعية هو الالتفاف مع المظلوم في مظلوميته مهما كان نوعه أو عرقه أو أصله !

***** 
أما الموضوع الثاني فهو إدارة المكوس أو اقطاعية "مربيه" : من الغريب أن كل الشعب الموريتاني صار قابلا أن يظل تحت طائلة الإتاوات التي يفرضها عليهم مربيه وإدارته عن كل وثيقة رسمية دون أي فاتورة تفيد أن هذه الأموال تذهب إلى خزينة الدولة إلا جواز السفر،  مع الكثير من الاحتقار وسوء الخدمات في الادارة وسوء أخلاق بعض الموظفين من الذين قابلتهم أو سمعت انطباع المواطنين عنهم، والقوانين الخاصة بهذه الادارة والتي تحدد إن كنت موريتانيا أو غير موريتاني هي فقط مزاج العاملين في إدارة الأستاذ مربيه، ومن حيث نظن أن إدارة الأوراق الثبوتية صارت أكثر تنظيما هي الآن أكثر فوضوية لما فيها من أشخاص غير مؤهلين ولهشاشة المنظومة القانونية التي تديرها والتي يبدو المزاج أهم مواد فيها ، إضافة لذلك ـ وعلى صعيد الأمن القومي ـ خطورة وضع معلومات وروابط جميع المواطنين والاحصائيات المتعلقة بهم في يد إدارة في يد شخص وغير مؤهلة هذا طبعا إذا أغفلنا أنها تابعة لمربيه الذي هو بدوره تابع للجنرال وبالتالي فهي في يد طرف من أطراف النزاع وليست في يد جهة مستقلة كما يفترض.



السبت، 19 مارس 2016

قمع وقفة "مرجن خاوي" (توثيق)


نظم نشطاء حركة 25 فبراير وقفة احتجاجية يوم الثلاثاء 15.03.2016 تحت عنوان مرجن خاوي ترميزا إلى الحالة المعيشية الصعبة التي يعيشها المواطن الموريتاني من غلاء أسعار المواد الغذائية ، وقد تعرضت الشرطة للمتظاهرين بشتى أنواع التنكيل ، تعرض الناشط سيدي الطيب ولد المجتبى لإصابة مباشرة على الرقبة تسببت في اغمائه مباشرة، فيما تم اختطافي و3 نشطاء هم  سيدي عبد لله ولد البخاري وجمال حمود ومصطفى إلى مكان مهجور قرب الشاطئ حيث تعرضنا للتعذيب هناك ، تعرضت لإصابتين وتعرض الناشط جمال حمود لكسر في الساعد كما تبين الصورة في الأسفل مباشرة .





سيدي الطيب تم نقله للمستشفى مباشرة بعد تعرضه للضرب على الظهر مما أدى لإغمائه 

 في اليوم الموالي الأربعاء 16.03.2016 تم قمع وقفة نظمتها حملة ماني شاري كزوال الداعية إلى تخفيض أسعار المحروقات التي انخفضت عالميا إلا في موريتانيا. أختطف أربعة نشطاء وتم تعذيبهم ( سيد عبد الله ، سامي ، لارباس ، مصطفى) ، وأصيب سيدي عبد الله إصابة بالغة منعته من الوقوف لوحده نقل بعدها للمستشفى بعد عجزه عن الوقوف .








السبت، 5 مارس 2016

باص نقل للطلاب في جامعة نواكشوط

أحد باصات طلاب جامعة نواكشوط ، والتي يشهد طلابها ازمة قوية في النقل بعد تحويل الجامعة الى خارج نواكشوط في مدينة تعاني مم غياب شبه كامل للنقل العمومي

الأربعاء، 24 فبراير 2016

الأربعاء، 3 فبراير 2016

قطع غيار(فلم وثائقي)



قطع غيار فلم وثائقي حقوقي يحاول تسليط الضوء على حوادث الشغل في موريتانيا التي يروح ضحيتها المئات فيسرحون من العمل دون أي حقوق هذا إن لم تودي هذه الحوادث بحياتهم 







الأحد، 17 يناير 2016

عام على سجن بيرام وبراهيم


قبل البدء في هذا المقال من المهم عندي تبيين وجهة نظر حول قناعتي الراسخة أن أي حل لقضية الحراطين أو أي قضية وطنية من فقر وهشاشة وجهل وتخلف وقضايا الأقليات وشتى أنواع التهميش والظلم الواقعة في هذا البلد تمر مبدئيا بإيجاد وخلق الإطار القادر والقابل على حلها وهو ما لا يمكن أن يوجد في ظل الدولة الحالية، دولة العسكر والقبيلة. لا مكان لأي حل في ظل هذه الدولة إلا اذا كان انتاج أنماط مشابهة تعمق أصل المشكلة ، لأنها هي أصل المشكلة الكبرى للوطن انطلاقا من المحسوبية والقبلية والجهوية واستغلال الجيش وقوته في النزعات والنزوات الشخصية لكل انقلابي نجح انقلابه، إن نفس النظام الذي نناضل داخله اليوم هو الذي أضفى أبعادا جديدة على مشاكل كانت عالقة وعمقها وراهن عليها في استمراره.
1
تمر الذكرى الأولى للحكم بسجن رئيس حركة إيرا بيرام ولد اعبيد و نائبه ابراهيم بلال لسنتين بعد مشاركتهما في تظاهرة (مرخصة) ضد ما حالات من العبودية العقارية..
منذ لحظة الاعتقال كثرت ردود الأفعال وتمايزت التفسيرات والاعتبارات أمام هذا الحدث الذي ينبئ أولا بالتهديد الكبير الذي مس ساحة الحريات العامة في البلد والتي شهدت تقدما في العقد الأخير نتيجة لنضالات الموريتانيين المريرة والمتراكمة.
من الضروري التأكيد على أن ذلك التقدم في الحرية لم يكن حقيقيا : أي لم يكن مؤسسا على مبادئ ثابتة فوق كل السلطات وملزمة لها، فقد صرح ذات يوم الجنرال عزيز ذات مرة أن "كهولة" المعارضة يستفزونه لكي يعتقلهم لكنه لن يفعل ذلك معطيا لنفسه (البوليسية) حق القيام بتقييد الحريات من عدمه متى شاء وهو ما يؤكد أن ما يوجد من الحرية حتى الآن ليس حرية قيمية معتمدة على بناء مؤسسي في موريتانيا وإنما وقف تنفيذ القرار الجنرالي بحبس الحريات .
إن تباين الآراء والمواقف من الحدث أظهر جانبا مؤسفا من سهولة تخلي بعضنا عن قيم عليا كقيمة الحرية كحق أساسي لكل إنسان، وأوضحت أيضا سهولة انجراف بعضنا إلى ما تمليه عليه عواطفه لأول وهلة وضعف حضور التحري والمنطق و الحق كعوامل أساسية في بناء مواقفنا.
ساهم الكثير من الذين قابلتهم أو قرأت لهم أو اطلعت على ردودهم على صفحات التواصل الاجتماعي في محاكمة روصو الهزلية عن طريق محاكمات ذهنية وعاطفية إن لم أقل عنصرية، ومن المثير للسخرية أن التهم التي قدمها جماهير "المرافعين العاطفيين" كانت مختلفة عن التهم التي قدمتها المحاكمة السياسية ورغم ذلك فقد اتفقوا مع الحكم.
2
لقد حوكم بيرام من قبل أفراد ينتمون لبعض فئات المجتمع بمجموعة من التهم من بينها العنصرية والخطاب التقسيمي والدعوة إلى الحرب الأهلية، ورغم أن عمل بيرام كمناضل حقوقي ضد الاستعباد ومخلفاته وانطلاقا من قسوة ذلك الإرث وتجذره ثقافيا واجتماعيا وارد فيها - جدا- أن يكون أي خطاب ناعم غير مجدي بالمرة في حلحلة ذلك الواقع.
لكن الشخص الذي أذكر أنه لمح إلى الحرب الأهلية واستخدام السلاح لم يكن بيرام، بل هو داود ولد أحمد عيشة الذي يتجول اليوم في سيارته من نوع V8 – حسب آخر مرة رأيته فيها -  ويلقى خطابه رواجا كبيرا بين الفتية المتأدلجين بنعرات وغباءات القبيلة.
إن الذي أعطى لخطاب بيرام وقعا وتأثيرا هو وضوح وجلاء القضية التي يتحدث عنها، فحالات العبودية تكتشف يوميا ونفس المحاكمة الهزلية التي حاكمت بيرام بقوانين ما تحت الطاولة هي ذاتها التي تحاكم المستعبدين الذين يمسكون متلبسين بحالات استعباد واضحة ويحاكمون بنفس قوانين ما تحت الطاولة (إطلاق سراحهم غالبا) ، كما أن الوضع الكارثي الذي تعيشه شريحة الحراطين من فقر وتهميش وتغييب في شتى المجالات .. نعم الشعب الموريتاني بشكل عام يعيش تحت الفقر والتهميش والتغييب أيضا، لكن هذا يجعل لا يجعل إشكالية الحراطين غير واردة كحالة خاصة، فهم الشريحة التي كانت مهمشة تاريخيا وزادها تهميش وتغييب بقية أفراد الشعب بشكل كامل تهميشا أكبر.
من البديهي أن الأرقاء السابقين الذين تم تحريرهم كان استغلال عرقهم وسخرتهم في تراكم ثروة الاستعباديين غير معوض وبالتالي فقد تم تسريحهم من العبودية بلا رصيد ودون أي تعويض .. وهو ما يجعل الفقر والتهميش مسألة حتمية وبديهية لا يحتاج فهمها وقبولها أي قدرات تحليلية .
إن معيار لغة الكراهية التي اقترحها البعض كتهمة في تلك المحاكمة العاطفية لبيرام، وهي عبارة عن مفهوم غاية في النسبية خصوصا أنها تهمة استخدمت ضد كل من طالب بحق لم تكن المنظومة الاجتماعية الطاغية معترفة به، إن أي لغة مطالبة بالحقوق بالنسبة للمجتمعات "المحافظة" هي لغة كراهية فيما تمر لغة الكراهية الحقيقية بشكل مقبول تماما (مثال يحظيه ولد داهي) .

إن قضية لحراطين ستظل قضية جوهرية وساخنة في الساحة لأنها قضية حقيقية تمتد بجذورها وواقعها في المجتمع تاريخيا، وسيبقى للتاريخ والزمن أن تقييد الحريات وضيق الباع في تقبل بعضنا لبعض لن يبقى منه للزمن والذكريات إلا طبيعته المخجلة المسيئة لاحترام المجتمع لذاته .

الثلاثاء، 3 نوفمبر 2015

بيير مسافرا عبر العالم


في الأيام القليلة الماضية قابلت شابا من كوريا الجنوبية يدعى بيير 25 عاما، يحمل حقيبة ظهر وكمبيوتر (ماك) وقصة حول عشرات آلاف الكيلومترات التي قطعها في سفر ه حول العالم.
بدأ بيير بالتخطيط لرحلته قبل عامين من بدايتها الفعلية حيث سافر إلى استراليا بغية الحصول على المال ، عامان من العمل والادخار، ورغم أنه ادخر في هذين العامين 60 ألف يورو إلا أنه يظن أن رحلته حول العالم لن تكلفه نصف هذا المبلغ.



أكد لي ثقته من سهولة تكاليف (رحلته) في احد مقاهي نواكشوط وقد خمن ذلك بعد أن قطع ما يربو على 25% من المسافة الكاملة لهذه الرحلة، وضرب لي مثلا أن تكاليف فترة إقامته في اسبانيا لم تتجاوز 200 أورو  في شهرين.
بدأت رحلة بيير حول العالم في نهاية مايو من هذا العام حيث عبر روسيا بالكامل في اسبوعين على متن قطار وغادرها من بوابة سيبيريا نحو فيلاند (6 أيام) ثم استونيا(3 أيام) فالسويد(يومين) ، والتقط بعض الأنفاس في النرويج حيث قضى اسبوعين بين مرتفعات برايكيستولين وصخرة جيراغ،




مر باليونان ثم اطاليا والطريف في ما يحكيه أن اطاليا لم تكن في خطته لكن تذكر (اسباغاتي) ولأجلها قضى 4 أيام في اطاليا ... مرفه بيير هذا ، أليس كذلك ؟!

حسنا!! ، لقد اعتذر عن نفسه بعد هذا الترفيه المخملي(زيارة إيطاليا من أجل السباغاتي)، حيث خاض رحلة على الأقدام طولها 1000 كيلومتر ، 40 يوما من السير على الأقدام على طول الشريط الحدودي بين فرنسا واسبانيا، انتهت مسيرة "الألف كيلومتر" بالتراشق بالطماطم في مهرجان (لاتوماتينا) الشهير الذي يقام في اسبانيا كل عام في الأربعاء الأخير من شهر اغسطس.
يصف بيير اسبانيا بالساحرة التي حبسته عن مواصلة رحلته مدة شهرين كاملين ثم غادرها إلى المغرب.




 كانت خطته أن يتابع في طريقه بين دول شمال افريقيا ثم الشام ثم العودة لمصر فالسودان متوغلا جنوبا حتى جنوب افريقيا (كما هو مبين في الصورة) لكنه قرر إبان فترة إقامته في المغرب (40 يوما) أن يتوغل جنوبا نحو موريتانيا.

سألت بيير عن أغرب حادثة صادفته في هذه الرحلة فأخبرني أن الأغرب كان هنا في موريتانيا، تعرض بيير لسرقة في احد النزل في احدى مدن موريتانيا وحين قدم لقسم الشرطة ليقدم شكوى لم يغير الشرطي من جلسته وظل يتابع عرضا تلفزيونيا، طلب بيير –حسب ماقال- قلما لتدوين شيء ما وحاول اقتناء قلم على الطاولة فنهره الشرطي... قضى بيير في موريتانيا 17 يوم زار خلالها شوم ونواذيبو واكجوجت ونواكشوط.








حتى آخر حديث لي معه، هو الآن (وقت كتابة هذه التدوينة) يتواجد في السينغال، يفكر في التوغل جنوبا حتى جنوب افريقيا ثم العودة شمالا باتجاه مصر فدول الشام فأوروبا ثم الطيران إلى أقصى نقطة من جنوب أمريكا الجنوبية ليتابع طريقه البري شمالا إلى أقصى شمال كندا، يتوقع بيير أن تستمر رحلته هذه لعامين آخرين في طريقه الطويل لكي يكون مواطنا عالميا.

الثلاثاء، 11 أغسطس 2015

فصول لا تنتهي من عنجهية الجنرال والمقربين منه

لم تنطلي الخديعة البينة الزيف التي فبركتها الآلة الإعلامية (المتخلفة) للنظام العسكري حول حادثة رصاصة الجنرال والتي طلعت في إحدى أسوء الإخراجات في التاريخ لدرجة قد تجعل جوبلز يصيح ما هذا الغباء ؟! وجوبلز هو أحد أهم رواد الخدع والفبركات الإعلامية وتنسب له المقولة الشهيرة "اكذب اكذب حتى يصدقك الناس" ، لم تنطلي تلك القصة التي لم تحترم عقول المواطنين بل فاقت كل مستويات الاحتقار الممكنة لهذا الشعب ، ظلت قصص أكثر منطقية تتوارد بين الناس كان من بينها قصة حول قريبة للجنرال تربطها به علاقة "عاتفية" ولعل تلك العلاقة – حسب الإشاعة – تمددت إلى ما يجعل تلك الفتاة تغضب وتصل مرحلة اليأس ثم تلوح بمسدسها وتطلق رصاصة على الجنرال.

      *** 
قبل حادثة رصاصة الجنرال بأشهر كان الفتى بدر (إبنه) يلهو بين أقرانه ويرفل في المليارات التي نهبها والده من أقوات الناس وصحتهم وتعليمهم، ولعل الفتى كان في حالة شبيهة بالسعار تلك الليلة حين فتح حوارا عنوانه الحب بالإكراه مع فتاة وعشيقها (صديقه) كان الإثنان نديماه في تلك الليلة، طرح بدر بين يدي ذلك الحوار سؤالا ومسدسا وما يكفي من جنون العظمة ثم أطلق رصاصة بشكل مباشر على فتاة حية ربما كانت قبل دقائق من تلك اللحظة التي اخترق البارود أحشاءها تضحك وتشعر بنشوة الصحبة وروعة مرافقة المشاهير وذوي السطوة.

*** 

بائع بقالة  يقابل آلاف المشترين يوميا بجميع أنواعهم وعقدهم ومشاكلهم، لاشك أنه شارك في الكثير من الصراعات بالأيدي والسباب وربما ارتفعت إلى التلويح بالعصا أو بسكين الطبخ بأسباب متنوعة قد يكون من بينها خلاف حول برتقالة منتهية الصلاحية ينتهي ذلك الخلاف بأن يخرج المشتري وهو يتمتم (ذا العالم لاهي يخلى بيه عزة الرزق!!)، نفس البائع يفاجأ ذات يوم برجل مسلح يلوح بمسدسه ولا يكتفي بالتلويح فقط بل يرميه بالرصاص، والمشهور أن السبب كان أن هذا البائع (الوقح) رفض طلبا ما يتعلق ببرتقالة! ، برتقالة؟! نعم برتقالة، هذا الرجل هو قريب أيضا للجنرال وهو مسلح وله رخصة – السكوت عنه- في أن يرمي الناس بالرصاص خصوصا إن كانوا (وقحين) كصاحب البقالة .

***
كنت من المنزعجين كثيرا من تصرف بزرة وكنت استغرب العقوبة القليلة التي صدرت بحقه لكني الآن اسخر من نفسي فقريب الجنرال الحساس جدا تجاه البرتقال لا زال يتجول بنفس المسدس.

قبل أشهر قليلة قامت مجموعة أخرى من المقربين للجنرال بالتهجم على الصحفي حنفي ولد الدهاه واعتدوا عليه بالضرب وبعد تلك الحادثة بفترة قليلة تعرض لحادث إحراق سيارته ويرجح أنه ــ أي الحادث ــ هجوم ليلي من مقربين أيضا من الجنرال، ولا يجهل اليوم أي شخص في موريتانيا مستوى الاحتقار الذي يعامل به الجنرال موظفيه ووزراءه وكل من لديه سطوة عليه.
إذا هو زعيم "عائلة" (بالمعنى المافيوزي) لا يعرفون التعامل الطبيعي مع بني البشر، لا يعرفون معاملة الآخرين باحترام، لا يعرفون الإحساس بمعاناة الآخرين، لا يعرفون إلا ضيق أفقهم الذي يوحي لهم بسهولة سحب الزناد ماداموا في حل من العقاب.



السبت، 11 يوليو 2015

قصة الإختطاف والتعذيب الذي تعرضنا له

تم اختطافنا في صباح العاشر من يوليو (الساعة صفر) وهو تاريخ يحمل دلالة رمزية كذكرى لتدخل العسكر في تقرير مصير موريتانيا وتحويلها إلى ثكنة كبيرة يتلاعب القائمون عليها بالقيم والمفاهيم والثروات .. إلخ، لكن المناسبة هذه المرة لم تكن تماما حول النظام العسكري وإن كانت غير بعيد من ذلك، فقد كانت ضد حادثة الاغتصاب الأخيرة التي قام بها أحد عناصر "مسقارو" (أمن الطرق) الجهاز الأمني سيء الصيت ضد طفلة في الثامنة من عمرها والتي تجاهلها القضاء الموريتاني العاجز.. كانت وقفة بسيطة ككل وقفاتنا ختمت بكتابة على جدار مقر القضاء، الذي لا أجد من المناسب تسميته بـ - بقصر "العدالة"-، وفي طريقنا نحو البرلمان لتسجيل موقف آخر اعترضنا مجموعة من العناصر الأمنية بملابس مدنية واقتادونا عنوة نحو مفوضية الكصر 2 أنا و الرفيق سيدي الطيب ولد المجتبى (المدون الذي نشر فضيحة جريمة الاغتصاب في مدونته التاسفرة ) وقضينا تلك الليلة الطويلة في مفوضية لكصر2 قبل أن يتم تفريقنا إلى جهات غير معلن عنها، حتى نحن لم نعلم بها حتى وصلنا إليها.. كان نصيبي المؤسف مفوضية تفرغ زينة2 والرقيب (البكاي) – سأعود لتلك القصة لاحقا-.
 تم وضعي في غرفة مظلمة وذات رائحة كريهة جدا – وأنا مصاب بضيق التنفس وصائم- وطالبت فورا بتغييرها ورفض طلبي مباشرة مع بعض الكلمات النابية من (البكاي) الذي فاجئني بأسلوبه المنحط الذي لا يعكسه عمره ولا هيئته لأول وهلة – لكني سأعرف لاحقا من يكون حقيقة- ، أصررت على تغيير المكان وجلست في الرواق الخارجي للغرفة تحت وقع الشتائم.

الرواق لا يختلف كثيرا من ناحية الرائحة عن الغرفة وصدقوني هي رائحة لا يمكن استحمالها، جلست في ذلك المكان وكان لدي جارتان ضعيفتان تعرضت إحداهما للتعذيب أيضا. على تمام الساعة الخامسة وجدتني غير قادر بعد على تحمل المزيد فخرجت "للفناء" الخارجي للمفوضية وهو عادة ما يتم توقيفي فيه وهو نفس المكان الذي كنت موقوفا فيه رفقة صديقي سيدي الطيب في مفوضية الكصر2، والأهم من ذلك أنه يتمتع بهواء أخف تلوثا من المكان الذي لم استطع تحمله..




بدأ النقيب (البكاي) بكلماته النابية كرد فعل أولي على جلوسي في ذلك المكان قبل أن يلجأ إلى خنقي بشدة كدت أفقد معها الوعي بشكل كامل، دعمه في ذلك مجموعة من عناصر الشرطة الذين تأكدوا من شد وثاقي بشكل كامل (قدماي ويداي) وسببت قيودي الضيقة أثارا على معصماي وساقاي ثم حملوني ورموني في الغرفة النتنة تلك وأغلقوا الباب، رموني في الغرفة وشتائم الرقيب(البكاي) النابية التي وصلت لأقصى ما يمكن أن تتصوروا وذلك ساعتين من وقت الفطور تقريبا، وقبل الفطور بدقائق دخل ليؤكد على مسامعي نفس الشتائم –ربما قصد التذكير بأن مخزون الشتائم لديه لا حدود له تماما كعنفه وعنف عناصره-. كان من بين تلك الشتائم أن أمثالي لا يستحقون إلا معاملة الحيوانات.. استمر تقييدي المؤلم حتى الساعة العاشرة أي قبل إجراءات إطلاق سراحي بدقائق، ساعات من الجلوس على البلاط العفن والمتسخ مشدودا بوثاق حديدي صدئ ضيق يؤلم معصماي وساقاي مع شرطي يذكرني كل لحظة كم أنا حيوان واستحق معاملة أقسى.
                      فيديو يظهر بعض آثار التعذيب الذي تعرضت له في مفوضية تفرغ زينة2