الأحد، 4 ديسمبر 2011

الطريق إلى إينال 3


لم تكن الطريق الرملية التي سنقطعها للوصول إلى قرية إينال باللطيفة ، طريق بطول 125 كلم على رمال وطرق ثقيلة وغبار ، أثناء الطريق أنقسمت القافلة إلى قسمين ، القسم الأول كان يحوي أهالي الضحايا وقد إختفى نهائيا على طول الطريق ـ يبدو أنه سبقنا ـ أما القسم الثاني فكان يحوي الصحفيين ومجموعات شبابية ،
كان شطرنا من القافلة يتشتت أحيانا ويصاب أحيانا بأعطال ، وعلى مدى ثلاثة ساعات تقريبا وصلنا للقرية التي شهدت تلك الجرائم :

ـ يااه أخيرا بعد 20 عام تمكن أهالي الضحايا من الوصول إلى المكان الذي أعدم فيه أبناءهم في ظروف غريبة وغامضة ، لم يجد عنها أحد إلا مجموعة إشاعات وقصص ،، قصص عن الأسباب ، قصص عن الكفية التي تم بها إعدامهم ، قصص عن دفنهم ، قصص في قصص ، لا شك أن أبناء الضحايا كانوا يعيشون كل مرة رعبا حين يحاولون تصور كيف أعدم آباءهم ، أشعر بقشعريرة كلما تصورت ماكان يفكر فيه هؤلاء وهم أطفال يتلقون قصص الإعدامات والمآسي كما كان يتلقى أي منا قصص الجدات ، نعم فكرت أني كنت أسمع قصص الأرنب والسنجاب أحيانا ، وقصة الأسد والذئب أحيانا الكثير من القصص ، بينما كانوا يسمعون قصة سوداء واحدة تكرر كل ليلة عن كيف ومتى وأين قتل أبوك .

طبعا لم يتفهم من يعطون الأوامر من هناك الحالة الإنسانية الصعبة لأهالي الضحايا ، لم يتركوهم في حالة صفاء ولو لدقيقة واحدة كان التفتيش أيضا بإنتظارنا في إينال ، تفتيش في تفتيش والجو كان هاجرة ـ حوالي الساعة 13 ـ وقرر الجميع أن لا يهدء من الإثارة الشديدة والألم التي أستحوذت على الموجودين ، سيدة تنوح ، شاب عشريني يبكي ، سيدة تسقط مغشيا عليها ، وأخرى قررت التماسك وعكست صبرا وتحملا شديدين وهي ترى المكان الذي دفن فيه أخوها وابن اخيها في ظروف ما ،








السيدة سلمة جياللو التي قتل أخوها وأبن أخيها









بعد ساعات الهاجرة وصرخات الثكالى كنا مجموعات نتناول الشاي والبسكويت والأحاديث الجانبية وأحيانا تفكير عن إقامة إسكتش محاكمة موازية للجناة ، أشياء من هذا القبيل ، ثم بدأ الحضور بتنظيم دعاء جماعي للضحايا ، كان دعاءا مؤثرا وشاملا ومتسامحا وداعيا للحب والصفاء بين جميع المسلمين لم يدعو على الجناة بسوء .

كان في الرحلة أحد الناجين من تلك المجزرة ومؤلف كتاب " جحيم إينال " وهو ـ على مايبدو ـ كان دليلنا لمكان الحفرة التي رمي فيها جميع الضحايا وتركوا دون علامة تحفظ مكانهم ، ويبدو أن هذا المكان بعد أن درس وتحول إلى ملعب كرة قدم ، هنا حدث قصة مضحكة ـ شيئا ما ـ وصلنا أحد الأطفال يداعب كرة وسأل عن مايحصل فأجابوه بوجود موتى تحت أرضية الملعب هنا رعب الولد وفر عائدا بكرته ،
بعد يوم حافل بالمشاعر والدموع والألم والنواح والغبار قررنا العودة بعد أن أدركنا مبتغانا وكسرنا الحصار المفروض على هذه القضية الشائكة التي لم يتحدث عنها أحد بعد كما يجب ، رغم كل ذالك لايزال الكثير من ملفات القضية غامضا ، ولا يزال هناك ضحايا ظلم لم يجدوا العدالة ولاتزال قضيتهم عالقة كغيرها من ضمن الكثير من القضايا العادلة العالقة .


أنتهى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق